من زيارتها كما فعلوا مع أئمّة البقيع الغرقد. وهؤلاء أخطر من الجميع ؛ لفكرهم الشنيع ، وإمكانياتهم الماديّة الهائلة ، ودعايتهم المقيتة ، وأعمالهم الفظيعة في كربلاء وغيرها من بلاد المسلمين. وسيأتي تفصيل ذلك في الفصل الثاني من هذا الكتاب بإذن الله تعالى.
لهذا كلّه اخترنا البحث عن (أخلاقيات الإمام الحسين عليهالسلام) وليس غيره من أصحاب الكمال في هذا المجال الإنساني ؛ لنقول للجميع : هكذا عمل الإمام الحسين عليهالسلام ، فما الذي عملتموه ، وكيف أنتم تعملون ، ومَنْ أقرب إلى الله (عزّ وجلّ) وإلى الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله في المنهج والسلوك؟!
لا سيما أو لعل من أبرز المظاهر التي يتّصف بها عصرنا في أواخر القرن العشرين ، الصراعات والنزاعات والاحتجاجات والفتن من كلّ صوبٍ ؛ على صعيد الأسرة والمجتمع والدولة ، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي ....
ونحن نشاهد أنّ النقد العنيف يتناول الأخلاق اسماً ومفهوماً ، أسساً وتطبيقاً ، كما يشمل المذاهب الأخلاقيّة على اختلاف منازعها ، ونلمس في الوقت ذاته تبدّلاً عميقاً ، إن لم نقل تقهقراً يصيب العادات الأخلاقيّة والأعراف ، ويفجّر أزمة الوجدان.
ولكنّ الوضع أشدّ خطراً في أيّامنا هذه ؛ ذلك أنّ ضروب الابتعاد عن الجادّة السويّة في السلوك تنمّ عن تدنّي التفكير العقلي ، ونحن نرى مَنْ يرفض الأخلاق التقليديّة ، ويعلن أنّها بالية لا تلائم العالم الحديث ، كما نرى مَنْ يرفض وجود قيم تفرض نفسها على الإنسان ، والأمر عندئذ يتناول تعالي النظر الأخلاقي ، ويجعل الاضطراب ماثلاً على مستوى الفكر بأكثر منه على صعيد العمل.