تأمّلات عرفانيّة في دعاء يوم عرفة
إنّ معارف الدعاء الشريف للمولى أبي عبد الحسين عليهالسلام في يوم عرفة تكاد لا تنحصر في موضوع واحد ، لكنّه يبدأ بالحمد والتمجيد لله تعالى ، ثمّ ينتقل إلى العلوم الدقيقة للإنسان من عالم الأصلاب إلى الأرحام وظلماتها ، ثمّ إلى الدنيا وتطوّراتها وأطوارها المختلفة.
وهكذا ينتقل الإمام من آيات النفس البشريّة ، إلى آيات الكون الآفاقيّة برحابتها وعظمتها ، والدَّارس للدعاء الشريف يشعر وكأنّه في بحر خضم من المعارف النورانيّة الرفيعة ، والعميقة والبليغة ، بحيث وردت بهذا الترتيب البديع أو السهل السريع ؛ ولذا فإنّني سأختار فقرات فقط من الدعاء مع الالتفات إلى اللطائف الأخلاقيّة فيها ، وممّا يرتبط ببحثنا عن أخلاقيّات الإمام الحسين عليهالسلام ، فالأخلاق مع العبادة والطاعة قمّة الأخلاق الفاضلة.
١ ـ التمجيد :
وهو التقديس والتنزيه ، والتعظيم للمولى تعالى ، وهذا مطلوب في بداية كلّ دعاء كما في الرواية الشريفة أنّ : «مَنْ أرادَ الدعاء فليبدأ بالتَّمجيدِ لله تعالى». والإمام الحسين عليهالسلام يبدأ حامداً وممجّداً بقوله : «الحمدُ لله الذي ليس لقضائهِ دافعٌ ، ولا لعطائه مانعٌ ، ولا كصنعه صُنع صانعٍ ، وهو الجواد الواسع ، فطر أجناس البدائع ، وأتقن بحكمته الصّنائع ، لا تخفى عليه الطلايعُ ، ولا تضيعُ عنده الودائعُ ، جاري كلِّ صانعٍ ، ورائشُ كلّ قانع ، وراحم كلِّ ضارعٍ ، ومنزّلُ المنافع ، والكتاب