الحسين عليهالسلام يحذّر من الموت
الموت : هو ذاك الطارئ المهول ، والضيف النزول ، والوارد المجهول.
إنّ الموت : هو المخوف الذي يوفد على كلّ منّا بمهول المطلع ، ويأتينا بغتة أو فجأة ، أو على قدر لا يعلمه إلاّ صاحبه ، قال تعالى : (اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا) (١) ، بشع المذاق ، صعب الحلول ، شنيع الصنيع ، يستلُّ الأرواح ، ويمنع الإنسان من متابعة العمل الصالح.
ولذا فجدير بالإنسان العاقل أن يعدّ العدّة لهذا الضيف الذي لا بدَّ من نزوله وحلوله ، نفسيّاً ومعنويّاً ، وفي الرواية : «موتوا قبل أن تموتوا» ، و «حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا».
والإمام الحسين عليهالسلام يخبرنا عن الموت قائلاً : «لو عقلَ الناسُ ، وتصوّروا الموت بصورته لخربت الدُّنيا» (٢) ؛ وذلك لأنّ أمر الموت عظيم لا يمكن تصوّره ، ولو تصوّرنا الموت لما عمل أحد للدنيا بشيء ؛ ولذا كانت الدنيا تخرب ، ويصبح الناس جميعاً من أبناء الآخرة وهم في هذه الدنيا ، فسبحان مَنْ قهر عباده بالموت!
ولولا الموت لشمخ الإنسان برأسه وطغى ، وبغى بعضهم على بعض ، ولأظهر كلٌّ بحجمه ما أظهره فرعون لأهل زمانه ودولته.
وفي رواية عن الإمام الحسين عليهالسلام يقول : «لولا ثلاثةٌ ما وضع ابن آدم رأسه لشيءٍ ؛ الفقرُ ، والمرضُ ،
__________________
١ ـ سورة الزمر : الآية ٤٢.
٢ ـ إحقاق الحقّ ١١ ص ٥٩٢.