وهو أعلى درجات الصدق وأعزّها (١) ، وأبو الأحرار الحسين بن علي عليهماالسلام كان مثال ذلك كلّه ، فصبره لا يوصف ، وشكره لا يُعرف ، وحبّه لا يستشفّ ، ورضاه بالقضاء وتسليمه لأمر باريه بكلّ ما حدث عليه لا يمكن لأحد أن يستوعبه بكلام.
وأخيراً اعلم أيّها العزيز أنّ من علامات هذا الصدق (المقامات) كتمان المصائب والطاعات جميعاً ، وكراهة اطّلاع الخلق عليها ، وقد روي أنّ الله تعالى أوحى إلى موسى عليهالسلام : «أنّي إذا أحببتُ عبداً ابتليته ببلايا لا تقوى لها الجبال ؛ لأنظر كيف صدقه ؛ فإن وجدته صابراً اتّخذته وليّاً وحبيباً ، وإن وجدته جزوعاً يشكوني إلى خلقي خذلته ولم أُبال» (٢).
ألم يردّد الإمام الحسين عليهالسلام عند كلّ مصيبة وفاجعة في أحد أصحابه وإخوته وأبنائه الكرام : «هوّن ما نزل بي أنّه بعين الله»؟ فالأمر النازل إذا كان بعناية الله ورعايته وتحت أنظاره فإنّه يهون عند الأولياء ، والإمام الحسين عليهالسلام سيّدهم في ذاك الزمان.
صدق القائد السياسي والعسكري
والقائد السياسي الذي ينهض في وجه حكومة طاغية ، ويصرخ في وجه فرعون باغٍ ، ربما عليه أن يخفي الكثير من المعلومات التي تصله عن أصحابه ، لا سيما تلك التي تؤثّر على الرأي العام للجماهير التي تلتفّ حوله.
__________________
١ ـ للتفصيل راجع جامع السعادات ٢ ص ٣٣٧.
٢ ـ جامع السعادات ٢ ص ٣٣٩.