وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (١).
وينهى الإسلام عن جرح مشاعر أتباع الديانات حتّى لو كانت وثنية بسبّ مقدّساتهم ؛ لأنّ ردّ فعلهم الطبيعي سيكون سبّ مقدّسات المسلمين ، قال سبحانه وتعالى : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) (٢).
التعايش منهج وتطبيق
مع التطوّر العلمي والتكنولوجي الهائل في حياة الإنسان نرى أنّ المسافات قد أُلغيت وتساقط الحدود بين أبناء البشر ، وأصبحت الدنيا قرية واحدة ، ممّا يفرض على الناس أن يتعايشوا مع بعضهم مهما تنوّعت انتماءاتهم ، وتعدّدت هوياتهم من أجل مصالحهم المشتركة.
وخيرات الكون ، وامكانات الحياة وضعها الله سبحانه تحت تصرّف الجميع ، فهي لجميع الناس ، لا يحقّ لأحد أن يستأثر بها على أحد ، والانتماء والتوجّه لا يبرّران الاستئثار ولا يسوغان الحرمان.
لذلك يؤكّد القرآن الكريم أنّ عطاء الله ونعمه في هذه الحياة مبذولة لجميع البشر ، يحد بها المؤمنون والكافرون على حدّ سواء ، فعطاؤه سبحانه ليس محظوراً على أحد ، يقول الله سبحانه وتعالى : (كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا
__________________
١ ـ سورة الممتحنة : الآية ٨.
٢ ـ سورة الأنعام : الآية ١٠٨.