والإسلام الحنيف حين يوصي بالبكاء يحاول حلّ هذه العقد النفسية قبل أن تترسّب في النفوس ، وتعاني الكبت الطويل فتتحوّل إلى أمراض نفسيّة خطيرة.
ولذا فإيّاك أن تلتفت إلى اُولئك الذين يرون أن البكاء منقصة ، وأنّ الرجال لا يبكون ، أو أنّه من المعيب أن تبكي لأنّك رجل ، وغير ذلك من الأقوال الضّالة المضلّة التي تُنبئ عن قسوة قائلها ، وجفاف قلبه ، وتصلّب أحاسيسه ومشاعره.
الرحمة في بكاء رسول الله صلىاللهعليهوآله
ورسول الله صلىاللهعليهوآله وهو الرحمة المهداة إلى بني البشر كان يبكي خوفاً من الله ، وشوقاً إلى رحاب قدسه ، ورقّة لعباده المؤمنين ، وعند فقد أعزًَّته.
فإنّه (صلوات الله عليه وآله) بكى على ولده إبراهيم حتّى انتفض منكباه ، وقال : «القلبُ يخشع ، والعينُ تدمع ، ولا نقول ما يُغضب الربَّ» (١) ، أو أنّه صلىاللهعليهوآله قال : «العينُ تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلاّ ما يُرضي الربّ ، وإنّا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون» (٢).
كما إنّه (صلوات الله عليه وآله) بكى على أصحابه الأوائل من المسلمين عندما كان يراهم يتقلّبون تحت سياط الشرك والحقد الجائرة كآل ياسر ، وبلال ، وعمّار ، وأبي ذرّ الغفاري (رضوان الله عليهم أجمعين) ، وغيرهم من تلك الطبقة الراقية في دنيا الإيمان والإسلام.
__________________
١ ـ موسوعة البحار ١٢ ص ٣٢٥.
٢ ـ صحيح البخاري ١ ص ١٩٨ ، باب الجنائز.