تكفي المؤونة.
رجال في كربلاء ، العبيد نموذج
إنّ عادة الرقّ وحياة العبيد كانت سائدة وبكثرة في تلك الأيّام ، وعندما جاء الإسلام العظيم فإنّه أولى هذه المسألة اهتماماً كبيراً لتحرير اُولئك العبيد الأرقاء. فهناك الكثير من الكفّارات وغيرها تحضّ على تحرير الرقاب من رقّ العبوديّة ، ورفع تلك القيود عن كواهلهم.
وفي كربلاء كان للعبيد حضور خاصّ ؛ لأنّهم شاركوا وسطّروا ملاحم بطولية كالسادة تماماً ، وهنا نأخذ صورة العبد (جون) الذي كان يخدم الصحابي الجليل أبا ذرّ الغفاري (رضوان الله عليه) ، ثمّ انتقل إلى خدمة الإمام الحسين عليهالسلام ، ورافقه إلى كربلاء ، وتحمّل معه عناء الطريق كلّه ، ولا أحد يعلم ما يفكّر به هذا الرجل العبد.
وعندما سقط أصحاب الحسين عليهالسلام شهداء ، تقدّم هذا العبد إلى أبي الأحرار الحسين عليهالسلام بكلّ تواضع وخشوع يستأذنه للنزول إلى ميدان القتال ، إلاّ إنّ الإمام أراد أن يردّه ردّاً أخلاقيّاً لطيفاً ؛ لكي لا يجرح شعوره ، فقال له بكلّ حبّ وحنان وتقدير : «يا جون ، إنّما تبعتنا طلباً للعافية ، فأنت في إذن منّي» ، أو «فلا تبتلِ بطريقنا» (١).
فأنت أتيت معنا على الصحة والحياة والعيش الكريم ، وأمّا الآن فإنّه الموت الزؤام الذي لا بدَّ منه ، فأين ترمي بنفسك؟ ولعلك خجلت أو استحييت من
__________________
١ ـ اللهوف ص ٤٧ ، مثير الأحزان ص ٦٣ ، العوالم ١٧ ص ٢٦٥.