حقيقة سجود الملائكة لآدم عليهالسلام
إنّ هذا السجود إذا كان بأمر من الله ، يخرج عن حيّز العبادة للمسجود له إلى حيّز عبادة الآمر بالسجود ، كما في قصّة أبينا آدم عليهالسلام وسجود الملائكة له ، وورود ذلك في عدد من السور القرآنية ، كما في قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (١).
نسأل : هل كان السجود هنا عبادة لآدم عليهالسلام أم تعظيماً وتفخيماً وتكريماً له؟!
فالآية تدلّ دلالة قطعية وواقعية واضحة على أنّ آدم عليهالسلام كان مسجوداً له ، وأنّ الملائكة كانوا هم الساجدين ، وأنّ الله اعتبر إبليس مستكبراً وكافراً ؛ لأنّه لم يسجد لآدم ، فهل كان آدم معبوداً إلهاً والملائكة عابدون له والعياذ بالله؟!
لا ، إنّ الآية تدلّ على أنّ آدم عليهالسلام كان مسجوداً للملائكة ، ولم يحسب سجودهم له شركاً وعبادة لغير الله ، ولم تعدّ الملائكة بذلك العمل مشركة ، ولم يجعلوا بعملهم هذا ندّاً لله وشريكاً في المعبودية ، بل كان عملهم تعظيماً لآدم وتكريماً لشأنه (٢).
__________________
١ ـ سورة البقرة : الآية ٣٤.
٢ ـ التوحيد والشرك في القرآن الكريم ص ٥١.