بالموت ، فإن عاش حياته بشرف وكرامة كان بها ونعمت ، وسيذكر بالفضل والكرامة بين الناس إلى أمد بعيد بعد وفاته ، وإن كان العكس أي عاش حياته بدناءة ، وخساسة فإنّها بئس المعيشة وبئس الرجل صاحبها.
والإمام الحسين عليهالسلام سيد الشهداء ، وأبو الأحرار ، وشيخ الأوفياء ، ووالد الأولياء ، وأصل الإباء ، فالدناءة تبعد عنه بُعد المشرقين ، وأخلاقه الفاضلة ملأت الخافقين ، ألا تراه أو تقرأ له ، أو تسمع عنه هذه الكلمات التي تطفح شموخاً وإباء.
رؤية الحسين عليهالسلام إلى الدنيا
يُقال أن الإمام الحسين عليهالسلام قام خطيباً في أصحابه على مشارف نينوى أو على أرض كربلاء ، وكان ممّا قال :
«إنّه قد نزلَ من الأمر ما قد ترون ، وإنَّ الدنيا قد تغيَّرت وتنكَّرت وأدبر معروفها ، ولم يبقَ منها إلاّ صُبابةٌ كصبابة الإناء ، وخسيسُ عيشٍ كالمرعى الوبيل.
ألا ترون إلى الحقِّ لا يُعملُ به ، وإلى الباطل لا يُتناهى عنه؟ ليرغب المؤمنُ في لقاء ربّه مُحقاً ؛ فإنّي لا أرى الموتَ إلاّ سعادةً والحياة مع الظالمين إلاّ برماً.
إنّ النّاس عبيدُ الدنيا ، والدّين لعقٌ على ألسنتهم ، يحوطونه ما درّت معايشهم ، فإذا محِّصوا بالبلاء قلَّ الديّانون» (١).
__________________
١ ـ موسوعة البحار ٤٤ ص ٣٨٠ ـ ٣٨٢ ، مقتل الحسين ـ للمقرّم ص ١٩٤.