كِلفته» (١).
فمَنْ تُسلب منه قوّته يسقط تكليفه ، ومَنْ لا يستطيع ويقدر فإنّه لا مسؤولية عليه ولا تكليف ، والقاعدة تقول : إذا أخذ ما أوهب أسقط ما أوجب.
فهم الأخلاق
وقبل المضي في البحث ، لا بدَّ من نظرة إلى الماضي السحيق والحاضر اللصيق ؛ لمعرفة نظرة العلماء والفلاسفة لهذه المسألة الخلقية. وهدفنا ليس البحث عن النظريات الأخلاقيّة المختلفة ومناقشتها والإشكال عليها ؛ فلهذا كلّه أماكن وأبحاث أُخرى ، وأمّا هدفنا فهو إعطاء لمحة سريعة لزيادة الإيضاح لهذه الفكرة التي توصلنا إليها.
فالبحث في الجذور يعني الأصالة والتأصيل ، وأمّا في الفروع فإنّه يعني التهذيب والتحسين والتجميل.
والتأصيل والتجميل عمليتان لا بدَّ منهما في تناولنا لمسألة الأخلاق ؛ لأنّهما تمسّان الجوانب النظرية في أصولها ، وغايتهما الجوانب العملية في غاياتها ؛ لأنّ الأخلاق قواعد وعمل تهذيبي لتجميل السلوك البشري ، وتحسين الحياة الإنسانيّة الفردية والاجتماعية ؛
وذلك لأنّ الوجود الأخلاقي معطى نفسي ، اجتماعي قيمي ، يشتمل على الوقائع اللازمة في كلّ مجتمع إنساني ممّا يتّصل بالسلوك.
__________________
١ ـ تحف العقول ص ١٧٦.