العفو عن المسيء
وأخلاقيّات العفيف لا بدَّ أن يرافقها العفو كذلك ؛ إذ إنّ العفو من شيم الكرام ، وعند المقدرة من شيم العظام.
والمولى أبو عبد الله (صلوات الله وسلامه عليه) كم وكم مرّة عفا عن الناس من العبد والرقيق وحتى السيد الشريف المطاع.
وكان يحضّ دائماً على قبول العذر من المسيء والمعتذر ، كما يحدّث عنه ولده الإمام علي زين العابدين عليهالسلام قال : «سمعتُ الحسين عليهالسلام يقول : لو شتمني رجلٌُ في هذه الأُذن وأومأ إلى اليُمنى ، واعتذر لي في الأُخرى لقبلتُ ذلك منه ؛ وذلك أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام حدَّثني أنَّه سمع جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : لا يرد الحوض مَنْ لم يقبل العذر من مُحقٍّ أو مبطلٍ» (١).
فالكريم وأبيّ النفس والفاضل عليه أن يقبل الاعتذار ويعفو عن المسيء ؛ ليرتفع في عيون الناس وقلوبهم ، فينظروا إليه بمهابة وتعظيم ، ولا يعود أحد يجرؤ على الإساءة مرّة أُخرى ، كما حدث مع ذاك الشامي (عصام بن المصطلق) الذي قال : دخلت المدينة فرأيت الحسين بن علي عليهالسلام فأعجبني سمته ورواؤه (هيأته ومنظره) ، وأثار من الحسد ما كان يخفيه صدري لأبيه من البغض ، فقلت له : أنت ابن أبي تراب؟
فقال عليهالسلام : «نعم».
__________________
١ ـ إحقاق الحقّ ١١ ص ٤٣١.