ورد عن الإمام أبي الحسن عليهالسلام : «حُرمةَ المؤمنِ والنبيّ صلىاللهعليهوآله عندَ الله أعظمُ من حُرمةِ الكعبة» (١).
وأوصياء الأنبياء عليهمالسلام هكذا يرون ، وعليه يسيرون في حياتهم كلّها ؛ لأنّهم قادة المجتمع ، ومكلّفون بحفظ كرامة الإنسان ، وصيانة إنسانيّته من أن يتعرّض إليها أحد فيُهينها أو يذلّها ، والمواقف الإنسانيّة تصبغ حياة الإمام الحسين عليهالسلام الذي نحن في رحابه الإنساني المميّز.
إذاً ، إنسانيّة الإنسان هي جوهره وأصله الذي تبني عليه أعماله ونواياه ، تلك هي الطينة أو الخليقة أو السّجيّة في الإنسان التي جاءت الروايات الكثيرة تعبّر عنها وتبلورها ؛ لإفهامها للبشر ولذوي الخبرة والنظر.
وفي الحديث : «كلّ يعمل على شاكلته» (٢) ، أي أصل طينته التي خُلق منها ، أو الفطرة التي فطره الله عليها ، ولا تبديل لخلق الله ، والجوهرة المكنونة المخزونة في أعماق النفس البشرية هي إنسانيته التي تنعكس على مرآة حياته كأفعال أخلاقيّة راقية ، يقدِّرها كلّ الناس في كلّ عصر ومصر.
الحسين والمساكين
ومن تلك المواقف التي تفيض بالإنسانيّة ، وكلّ حياة الإمام الحسين عليهالسلام فيّاضة بذلك ، ذاك الموقف الذي تحدّثت عنه كتب السيرة ، أنّ الإمام الحسين عليهالسلام مرَّ بمساكين قد بسطوا (مدّوا) كساءً لهم ، وألقوا عليه كسراً من
__________________
١ ـ بحار الأنوار ٥٠ ص ٢٤٤ ، وسائل الشيعة ١٤ ص ٥٣٧.
٢ ـ الكافي ٢ ص ١٦ و ٨٥ ، وسائل الشيعة ١ ص ٥٠.