ففي زيارتنا هذا العام ١٤٢٥ هجرية للمدينة المنوّرة ، وحيث كنّا مجموعة من المشايخ والعلماء الكرام ، وإذا بصراخ وضجّة تعلو في جنبات البقيع الطاهر ، فاستطلعنا الخبر وبحثنا عن الأمر ، وإذا بأحد الإخوة من أصدقائنا المشايخ في نزاع وجدال عقيم مع أحد هذه العناصر هناك.
فسألناه عن الخبر وماذا جرى.
قال : سألني ذاك الشاب ـ وأشار إلى شاب يقف هناك ـ بعض الأسئلة الدينية ، فرحت أُجيبه بكلّ احترام وتقدير عن كلّ أسئلته ، وإذا بهذا الذي يقف أمامكم يقول للشاب السائل : لماذا تتكلّم معه؟ لماذا تتكلّم مع هذا الرافضي الكافر النجس؟ فاذهب وغسل يدك (طهّرها) ؛ لأنّه كافر نجس؟!
فعندما سمعتُ ذلك وقف شعر بدني كلّه ، وأصابتني قشعريرة شديدة من هول ما أسمع من هذا الجاهل ، ففقدت أعصابي وبدأت أصرخ :
أيّها الناس ، يا عالم ، تعالوا وانظروا إلى هذا الذي يقول عنّي : كافر نجس ، فاجتمع الناس حولي ، فهرب ذلك الرجل خوفاً من الناس ، وبعد قليل جاء ومعه الشرطة ، فأشار عليّ وذهب فأرادوا أن يعتقلوني ، وانتهى الأمر وكأنّ شيئاً لم يكن.
والله عجيب من هؤلاء الناس! ماذا يحسبون أنفسهم؟ هكذا كنت أقول في نفسي ، ولماذا كلّ هذا الهجوم؟! وبهذه الطريقة الجافة ، واللسان الفظ الغليظ ، والأخلاق السيئة التي تذكّرنا بأبي جهل ، وأبي لهب ، وأبي سفيان وغيرهم من رؤوس قريش في الزمن الغابر؟!