وقصّة الحرّ الرياحيّ التائب ، ووداع الإمام له وشهادته له بأنّه حرٌّ في الدنيا والآخرة تكفيه ، وإنّه نِعْمَ الرجل كان.
وكذلك برير بن خضير ، ذاك العابد الزاهد ، المعلّم للقرآن في مسجد الكوفة الذي دعا صاحبه إلى المباهلة في قلب المعركة لولاية أمير المؤمنين عليهالسلام ، ورغم كبر سنّه ، وجلالة قدره فإنّه تعارك مع خصمه رضي بن منقذ العبدي فصرعه وجلس على صدره ، فاستغاث هذا برجل من أصحابه ، فقال له عفيف بن زهير : هذا برير بن خضير القارئ الذي كان يقرئنا القرآن في جامع الكوفة.
فلم يلتفت إليه فقتل بريراً بالرمح ، وعاد إليه بالسيف فقتله ، وذهبت روحه إلى بارئها طاهرة زكيّة.
وعاد عدوّه إلى بيته فاستقبلته زوجته النوار قائلة : أعنت على ابن فاطمة ، وقتلت سيّد القرّاء ، لقد أتيت عظيماً من الأمر! والله لا أكلّمك من رأسي كلمة أبداً (١).
حبّ الحسين عليهالسلام أجنّني
وقبل أن أدعك وأودّعك من هذا الفصل ، لا بأس بأن نذكر عملاقاً من عمالقة كربلاء ؛ لنستأنس ونتبارك بسيرته العطرة.
كان عابس بن شبيب رئيساً من رؤساء همدان الخير ، وخطيباً من خطباء العرب ، وناسكاً في العبادة ، ومجتهداً في الدين ، إنّه من رجال الشيعة المعروفين ، ولا غرو فهذا ديدن بني شاكر ، فكلّهم كانوا مخلصين بولايتهم لأمير المؤمنين
__________________
١ ـ مقتل الحسين ـ للمقرّم ص ٢٥٠.