لُعنتم وأُخزيتم بما قد جَنيتم |
|
فسوفَ تُلاقوا حرَّ نارٍ توقَّد (١) |
أهكذا يكون الوفاء؟ أوَ هذه هي الإنسانيّة التي جُبل البشر عليها؟ إنّ فعل الأُباة والكرماء يُنبئك عن طيب طينتهم ، والعكس صحيح ، ففعل الجفاة الغلاظ من الدناءة والحقارة يخبرك عن خبث طينتهم بأنّها حمئة خبيثة نتنة ، فتسافلت بهم إلى أسفل من البهائم العجماء ، وذاك أسفل سافلين في الدنيا ، ولهم في الآخرة أسفل سافلين في النار ، وغضب الجبّار والعياذ بالله.
الذنب الفظيع في قتل الرضيع
وإذا كان لديك شكّ في تلك المسوخات التي كانت تحيط بالإمام الحسين عليهالسلام على صعيد كربلاء ، فإليك ما فعلوه بالطفل الرضيع (عبد الله بن الإمام الحسين عليهالسلام وأُمّه الرباب) ، فإنّ ذلك لن يدع لديك أيّ شكّ من خروج اُولئك من البشرية ، وتجرّدهم من صفات الإنسانيّة كلّها.
كان من أفجع وأقسى ما نُكب به الإمام الحسين عليهالسلام هو رزيته بولده عبد الله الرضيع الذي لم يتجاوز من العمر ستة أشهر ، فقد كان الطفل كالبدر في بهائه ، وعند عودة الإمام من مصرع العباس عليهالسلام وقف في باب الخيمة ، ونادى ولده علياً وأخته زينب الكبرى عليهماالسلام وقال : «يا أختاه ، اُوصيك بولدي الصغير خيراً».
فقالت له : يا أخي إنّ هذا الطفل له ثلاث أيّام ما شرب الماء ، (وقد جفَّ اللبن في ثدي أُمّه لشدّة العطش) ، فاطلب له شربة من الماء.
__________________
١ ـ موسوعة البحار ٤٥ ص ٤٠.