تقويم الأخلاق
اشتهر عن (باسكال) قوله : (إنّ الأخلاق الحقيقية تسخر من الأخلاق ...) ، وذهب المفسّرون لها إلى اعتبار أنّ الأخلاق الحقيقية هي أخلاق الوجدان السليم ، أو الشعور المرهف بروح الدقّة والحدس الذكي الفطن ، وهي تسخر من النظريات أو المذاهب الأخلاقيّة التي أذاب في طلبها الفلاسفة ـ وما يزالون ـ الكثير الكثير من نشاطهم ، وجهدهم العقلي المنطقي المنضود.
والمدقّق يجد أنّ المسألة الأخلاقيّة كانت في النظرة الدينية (وهذا ما يهمنا هنا) جزءاً لا يتجزأ من النظرة الشاملة إلى الحياة والسلوك (الإنساني) ؛ وذلك أنّ المسوِّغ الأساسي والوحيد للخير والشرّ ، وما بينهما من ألوان المستحبّ أو المكروه أو المباح إنّما يرجع إلى الالتزام بما تأمر به التعاليم السماوية ص وتنصُّ عليه الكتب المقدّسة (١).
وهذا ما يؤكّده ديننا الإسلامي الحنيف الذي ختم الله به الرسالات وأكملها ، ورسول الإسلام الخاتم الحبيب المصطفى صلىاللهعليهوآله قال : «إنّما بُعثتُ لأُتمّم مكارم الأخلاق» (٢).
فإكمال الأخلاق لا يتمّ إلاّ بالالتزام بأخلاق رسول الإسلام وسنّته المطهّرة ، وما وصل إلينا من سنن آله الأطهار الأبرار (صلوات الله عليهم أجمعين).
والأخلاق تمثّل أهم الجهات الإنسانيّة التي عني بها دين الإسلام ، واهتمَّ
__________________
١ ـ الفلسفة الأخلاقيّة ص ١٥.
٢ ـ مستدرك الوسائل ١١ ص ١٨٧ ح١٢٧٠١ ، بحار الأنوار ٦٨ ص ٣٨٢ ، مكارم الأخلاق ص ٨.