فكيف يفسّر هذه الأحاديث المباركة والآيات الشريفة اُولئك الذين جاؤوا بعد قرون من عمل الأُمّة ؛ ليكتشفوا حديثاً أنّ هذا شرك كبير؟!
ولاُولئك نقول : إذا كان أحدكم في منصب الإفتاء ، أو الوزارات والقيادات في بلدانكم ، لا سيما مَنْ تحكمونها من البلدان ، إذا أراد شخص منكم قضية أو خدمة أو وظيفة وجاء إليك بأبيك أو أخيك ، أو ولدك أو صديقك ومَنْ هو عزيز عندك ، هل ستعتبر ذلك شركاً عظيماً وتضرب عنق ذاك المتوسّل إليك بأحبابك؟!
سأترك الجواب إلى حضرات السادة القرّاء الكرام ، فهذا أمر بديهي لدى العقلاء كما نراه ويراه أكثر أهل العلم والإيمان من هذه الأُمّة.
٢ ـ شرعية الدعاء :
يعتقد الوهابيون السلفيون أنَّ مَنْ دعا أو استغاث بأحد غير الله فقد أشرك بالله ؛ لأنّ الدعاء عبادة كما في قوله تعالى : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (١).
فإذا قلت : يا محمد يا رسول الله ، أو يا علي يا ولي الله ، فإنّما أنت بهذا النداء تشرك بالله ؛ لأنّك تدعو غير الله وتستغيث بغير الله. اسمع ما يقول الصنعاني في (تنزيه الاعتقاد) : (ومَنْ هتف باسم نبي ، أو صالح بشيء ، أو قال : اشفع لي إلى الله في حاجتي ، أو أستشفع بك إلى الله في حاجتي ، أو نحو ذلك ، أو قال : اقضِ ديني ، أو اشفِ مريضي أو نحو ذلك ، فقد دعا ذلك النبيّ والصالح ،
__________________
١ ـ سورة غافر : الآية ٦٠.