وقال عليهالسلام : «أنا قتيلُ العبرةِ ، لا يذكرني مؤمنٌ إلاّ استعبر» (١).
البكاء على المولى الشهيد ، بل سيّد الشهداء ، الإمام الحسين عليهالسلام تلك هي مسألة المسائل في هذا العصر الحديث ، وما هذا الكتاب ، وهذه الدراسة إلاّ نفثة مصدور ـ كما تقدّم ـ ردّاً على اُولئك الذين يريدون مصادرة الإمام الحسين عليهالسلام منّا ، ومنعنا حتّى من البكاء عليه. فما ذنبنا إذا كنّا نحبّ ، بل نعشق ذاك الإمام العظيم؟ ونعمل على تجديد ذكراه الأليمة ؛ لنجدّد العزم على الطلب بثأره في كلّ عام ، وفي كلّ يوم إن استطعنا بإعلان الولاء المطلق له ، والتبرؤ من أعدائه وقاتليه قديماً وحديثاً وفي كلّ زمان ومكان.
فلسفة البكاء على سيّد الشهداء عليهالسلام
والبكاء يا عزيزي ناتج عن رقّة القلب ، واهتياج النفس الناجم عن شدّة الحزن أو الفرح ؛ لأنّ الإنسان عندما يضحك كثيراً يبكي ، أو عندما يُفاجأ بأمر جميل قد يجهش بالبكاء. وهذا ما نسمّيه بـ (دموع الفرح ، أو بكاء الفرح).
وأمّا بكاء الحزن والمصيبة ، فهو أمر معروف ومألوف لدى جميع البشر إلاّ مَنْ حرمهم الله من نعمة البكاء ، وهؤلاء يتمنّون لو أنّهم يستطيعون البكاء أحياناً.
فالبكاء نعمة حقيقية لِمَنْ يتأمّلها ، أو يتدبّرها بعين فاحصة ، وفكر وقّاد ، وبصيرة منارة بأنوار الوحي الإلهي ، ولا بأس بنا ، يا أخي الكريم ، هنا من أن نلتفت إلى عالمنا المعاصر وثورته العلمية ، لا سيما مجال الطبّ البشري
__________________
١ ـ أمالي الصدوق ص ١١٨ ، مجلس ٢٨ ، ح٧.