فقال له ابن الحنفية : (إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذه الحال؟!).
فقال له عليهالسلام : «قد قال لي صلىاللهعليهوآله : إنَّ الله قد شاءَ أن يراهنَّ سبايا» (١).
والصراحة بهذا الشكل شيمة الأقوياء دون الضعفاء ومن أخلاق العظماء ، قال فيلسوف من الغرب : (الاعتذار : هو أقصى مراتب النضوج العقلي والعاطفي ، فالعظيم يعتذر ويشعر بأخطائه ، وهو في قمّة النصر لا في هوّة الهزيمة).
ويقول العقاد : (لا أحد يعترف بالنقص إلاّ أن يريد التوصّل للاستشهاد بالكمال ، أو يخشى أن يفشي أسرار عدوّ له على غير حقيقتها) (٢).
والإمام الحسين عليهالسلام قائد ولكن ليس فيه نقص ولا عيب ـ حاشاه ـ وليس عنده خطأ في أقواله وأفعاله ؛ فإنّ القرآن الكريم وجدّه المصطفى قد شهدا له بذلك ، ولذا بقيت مواقفه هذه نبراساً لكلّ الأحرار ، ومناراً للهداية إلى كافة البشرية.
فالإمام عليهالسلام عند الكعبة المقدّسة (حرسها الله وشرفها) ولا يريد أن تُنتهك به حُرمة المكان الأكثر حُرمة على وجه الأرض.
٣ ـ رفض حياة الذلّ والخنوع :
الحياة واحدة ولن تتكرّر ، وكلّ إنسان له دورة واحدة تبدأ بالولادة وتنتهي
__________________
١ ـ الكلمة ص ٢٤٦ ، اللهوف ص ٢٧.
٢ ـ فلسفة الأخلاق الإسلاميّة ص ٢٠٣.