التعايش ما بين المذاهب الإسلاميّة
بعد هذه المقدّمة نقول : هناك آيات عديدة في القرآن الحكيم ، تتحدّث عن التنوّع والتعدّد في حياة البشر ، فرغم أنّ البشر يتساوون في إنسانيّتهم العامّة ، وفي خصائصهم الأوّلية المشتركة ، إلاّ أنّهم في حقيقة الأمر يتمايزون بدرجة وأُخرى داخل المحيط البشري.
وهذا التنوّع إنّما هو جزء من ظاهرة كونيّة تشمل أصناف المخلوقات والكائنات ، فمجرّات الفضاء وكواكبه متعدّدة متنوّعة ، وعالم النبات يحتوي على ألوان وأشكال مختلفة رغم وحدة التربة التي ينبت منها ، والماء الذي يسقى به ، يقول تعالى : (وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (١).
(وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ) (٢).
وعالم الحيوان هو الآخر عامل متنوّع ، فدواب الأرض وطيور السماء ليست أُمّة واحدة ، وإنّما هي أُمم متعدّدة متنوّعة ، يقول الباري (عزّ وجلّ) : (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) (٣).
وحتى الملائكة ليسوا جميعاً في مستوى واحد ، وعلى شاكلة واحدة ، بل
__________________
١ ـ سورة الرعد : الآية ٤.
٢ ـ سورة الأنعام : الآية ١٤١.
٣ ـ سورة الأنعام : الآية ٣٨.