فهلاّ أبقيتم وسمحتم بالتحجير وهو مباح ، وارتفاع القبر شبراً وهو مباح مع الشاهدين ، فقد ثبت أنّ النبي صلىاللهعليهوآله وضع حجراً على قبر عثمان بن مظعون رضياللهعنه ثمّ قال : «أعَلّمُ بها قبر أخي وأدْفِنُ مَنْ ماتَ من أهلي» (١).
وقال خارجة بن زيد : رأيتني ونحن شبّان في زمن عثمان وأن أشدَّنا وثبةً الذي يثبت قبر عثمان بن مظعون حتّى يُجاوزه (٢).
١٣ ـ أنشأتم مكتب استجواب ومحاكمة وتحقيق في زاوية الحرم النبويّ (القديمة سابقاً) ، وكذلك بجوار البقيع حالياً ، وصرتم تحاكمون فيها مَنْ ترقبونه يتوسّل ، أو يكثر الزيارة ، أو يخشع أو يبكي ، أو يدعو الله تعالى أمام القبر الشريف متوسّلاً به إلى الله تعالى ، حيث توجّهون لهم قائمة من الأسئلة ـ الجاهزة سلفاً ـ عن مشروعية الزيارة والتوسُّل والمولد الشريف ، فمَنْ وجدتّموه مخالفاً لذلك سجنتموه ، وألغيتم إقامته وأبعدتموه من البلاد ، مع أنّ هذه أمور تدور بين الاستحباب والإباحة عند العلماء حتّى عند الحنابلة ، فلا يجوز تكفير المسلم بها ومعاقبته.
وقد حدّثني مَنْ أثق به من السجناء أنّه كانت الأغلال في يديه طيلة فترة
__________________
١ ـ رواه أبو داود في سننه ٣ ص ٥٤٣ كتاب الجنائز ، باب في جمع الموتى في قبر ، والقبر يعلم ح ٣٢٠٦ ، قال الحافظ ابن حجر في (التلخيص الحبير) ٢ ص ١٤١ ، إسناده حسن.
٢ ـ رواه البخاري في صحيحه : (فتح الباري ٣ ص ٢٦٤) في الجنائز ، باب الجريدة على القبر تعليقاً ، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٣ ص ٢٦٥) : خارجة بن زيد : أي ابن ثابت الأنصاري أحد ثقات التابعين ، وهو أحد السبعة الفقهاء من أهل المدينة ... الخ ، وصله المصنف ـ أي البخاري ـ في التاريخ الصغير من طريق ابن إسحاق : حدّثني يحيى بن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري ، سمعت خارجة بن زيد فذكره ، وفيه جواز تعليقة القبر ورفعه عن وجه الأرض اهـ.