صلّى فيها ، وجلس أو قال فيها.
ولا نشك في أنّهم يعلمون كما نعلم أنّ عصور السلف الثلاثة مرّت شاهدةً بإجماع على تبرّك اُولئك السلف بالبقايا التي تذكّرهم برسول الله صلىاللهعليهوآله من دار ولادته ، وبيت خديجة رضياللهعنها ، ودار أبي أيوب الأنصاري التي استقبلته فنزل فيها في أيّامه الأولى من هجرته إلى المدينة المنوّرة ، وغيرها من الآثار كبئر أريس وبئر ذي طوى ودار الأرقم.
ثمّ إنّ الأجيال التي جاءت فمرّت على أعقاب ذلك كانت خير حارس لها ، وشاهد أمين على ذلك الإجماع.
ثمّ إنّ العالم الإسلامي كلّه يُفاجأ اليوم بهذه البدعة التي يمزّق بها إخوتنا مشايخ نجد إجماع سلف المسلمين وخلفهم إلى يومنا هذا ؛ فدار ولادة رسول الله تُهدّم وتُحوّل إلى سوق للبهائم ، ودار ضيافة رسول الله صلىاللهعليهوآله في المدينة تحوّل إلى مراحيض! وتمرّ أيدي المحو والتدمير على كلّ الآثار التي تناوبت أجيال المسلمين كلّهم شرف رعايتها والمحافظة عليها.
والأعجب من هذا كلّه أنّ مشايخ نجد يرون مدى استنكار العالم الإسلامي وغليانه الوجداني لهذه البدعة التي تزدري إجماع المسلمين من قبل ، وتستخفّ بمشاعرهم الإيمانية دون أن يتوجّهوا إليهم بكلمة يبرّرون فيها عملهم ، ويشرحون فيها وجهة نظرهم. إذ المفروض إذا كانوا هم المصيبون في عملهم هذا ، وعلماء العالم الإسلامي قاطبة جاهلون ومخطئون أن يتوجّهوا إليهم ببيان هذا الذي يعرفونه ؛ حتّى يتنبهوا إلى خطئهم ، ويتحوّلوا إلى الصواب الذي امتازوا وانفردوا عن العالم كلّه بمعرفته ، وبذلك يكسبون أجر هدايتهم وإرشادهم إلى الحقّ الذي تاه عنه المسلمون خلال أجيالهم المتصرّمة كلّها.