به على سمع العالم الإسلامي وبصره ، يوضّحون فيه الدليل على ما قد تحقّق لديهم من وجوب هدم آثار النبوّة والقضاء عليها ، وملاحقتها بالمحو أيّاً كانت وأينما وجدت ، ومن ثمّ يعلنون عن عزمهم ـ بناء على ذلك ـ على تنفيذ ما يقتضيه الحكم الشرعي المقرون بدليله.
ولقد كنت ولا أزال واحداً من ملايين المسلمين الذين تأخذهم الدهشة لهذا الذي يجري في مكة والمدينة ، تحت أبصار المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، مع الاستخفاف بمشاعرهم وعلومهم ومعتقداتهم ، ودون تقديم أي معذرة بين يدي مغامراتهم العجيبة هذه ، من حجّة علمية يتمسّكون بها ، أو اجتهاد ديني حقّ لهم أن يجنحوا إليه!
بل لقد آثرت تحت تأثير هذه الدهشة أن أبدأ فأتّهم نفسي بالجهل ، وأن أفترض في معلوماتي الشرعية خطأ توهّمته صواباً ، أو حكماً غاب عنّي علمه ، وذلك ابتغاء المحافظة على ما هو واجب من حسن الظنّ بالإخوة المسلمين ، لا سيما العلماء منهم ، ما اتّسع السبيل إلى ذلك ؛ فرحت أنبش سيرة السلف الصالح وموقفهم ، بدءاً من عصر الصحابة فما بعد ، وأستجلي من جديد موقفهم من آثار النبوّة ؛ سواء منها العائدة إلى شخص رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أو ذات الدلالة على رسالته ونبوّته ، فلم أجد إلاّ الإجماع بدءاً من عصر الرسول صلىاللهعليهوآله على مشروعية التبرّك بآثاره ، بل رأيت الصحابة كلّهم يسعون ويتنافسون على ذلك. ولا ريب أنّ مشايخ نجد يعلمون ما نعلمه جميعاً من ورود الأحاديث الصحيحة الثابتة في الصحيحين وغيرهما ، المتضّمنة تبرّك الصحابة بِعرَق رسول الله وشعره ، ووضوئه وبصاقه ، والقدح الذي كان يشرب فيه ، والأماكن التي