وجاء في مكان آخر من حديثه عن أفكار هذه الجماعة :
فهلاّ تلمّستم يا علماء نجد مكان محبّة الله ورسوله من أفئدتكم ، وهلاّ استنبتّم هذه المحبّة أن رأيتموها ضامرة بمزيد من ذكر الله عزّ وجل ، إذن لدفعكم هذا الحبّ ـ والله ـ إلى حراسة آثار النبوّة وصاحبها بدلاً من محوها والقضاء عليها ، ولسلكتم في ذلك مسلك السلف الصالح (رضوان الله عليهم) ، وإذن لأقلعتم عن ترديد تلك الكلمة التي تظنّونها نصيحة وهي باطل من القول ، وتحسبونّها أمراً هيّناً ، وهي عند الله عظيم ، ألا وهي قولكم للحجيج في كثير من المناسبات : إيّاكم والغلو في محبّة رسول الله!
ولو قلتم ، كما قال رسول الله : لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، لكان كلاماً مقبولاً ، ولكان ذلك نصيحة غالية. أمّا الحبّ الذي هو تعلّق القلب بالمحبوب على وجه الاستئناس بقربه والاستيحاش من بعده فلا يكون الغلوّ فيه عندما يكون المحبوب رسول الله صلىاللهعليهوآله إلاّ عنواناً على مزيد قرب من الله ، وقد علمنا أنّ الحبّ في الله من مستلزمات توحيد الله تعالى. ومهما غلا محبّ رسول الله صلىاللهعليهوآله في حبّه له أو بالغ فلن يصل إلى أبعد من القدر الذي أمر به رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ قال فيما اتّفق عليه الشيخان : لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ماله وولده والناس أجمعين ، وفي رواية البخاري : ومن نفسه.
وإذا ازدهرت قلوبكم بهذه المحبّة فلسوف تعلمون أنّها مهما تلظّت بهذه المحبّة ، فلسوف تظلّ متقاصرة عن الحدّ الذي يستحقه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولسوف تنتعش نفوسكم لمرأى آثار النبوّة إن كان قد بقي منها بقيّة لديكم اليوم بدلاً