ـ يرى التمام دون محلّه ، والكمال أقلَّ أوصافه (١).
والإنسان بالمطلق مسؤول عن أفعاله وتصحيح أعماله ؛ لأنّها ناتجة عن إرادة واختيار كامل منه ، وهذا هو بالضبط ما نطلق عليه فلسفة التكليف الربّاني للإنسان الذي يلحقه الثواب للمحسن ، والعقاب للمسيء.
إذاً ، فالفعل الذي يفعله الإنسان بإرادته واختياره يكون على قسمين :
١ ـ أخلاقي : وهو الذي يكون مظهراً للخلق الصحيح ، والذي يكون صدوره بإشارة العقل وإرشاده ، وهذا هو الذي يجب أن تكون غايته الكمال الإنساني المطلق ، ولا يصل إليه إلاّ المعصوم.
وإذا أعقبت هذا النوع من العمل لذّة فهي شيء آخر يصحب الغاية ، يتقدّم عليها أو يقارنها في الوجود.
٢ ـ غير أخلاقي : وهو الذي لا يعدُّ كذلك (ما سبق). وفي هذا الصنف من الفعل الاختياري قد تكون الغاية هي اللذّة ، وقد تكون الغاية هي الكمال ، وقد تكون شيئاً يتوهّمه الفاعل كمالاً.
وسواء ثبت أنّ اللذّة بمطلقها خير أم لم يثبت ، فلا يسعنا التصديق بأنّ السعادة هي اللذّة ما دامت السعادة هي الخير الأعلى ، وكان أكثر اللذّات مصحوباً بالألم.
والسعادة : هي الخير الأعلى ، كما تعرّفها الخاصّة. وهذا ما تفهمه العامّة من معناها أيضاً. وإذا تجددّ بين الفريقين اختلاف بعد ذلك فإنّما هو في تعيين أفراد الخير الأعلى.
__________________
١ ـ رسائل البلغاء ـ تصنيف محمّد كرد علي ص ٥١٢.