وعطّلوا الحدود ، واستأثروا بالفيء ، وأحلُّوا حرام الله وحرّموا حلاله ، وأنا أحقُّ مَنْ غيّر ...»(١).
تنبّه لخطاب المولى أبي عبد الله الحسين عليهالسلام ؛ فإنّه ينادي الناس ، أيّ الذين يتّصفون بالإنسانيّة ، وأمّا مَنْ تبلّد قلبه وتجلّد عقله فإنّ هذا النداء لا يخصّه ، كاُولئك الخوارج عن الإنسانيّة.
والإمام الحفيد يحدّث عن جدّه الرسول (صلوات الله عليهما وآلهما) مباشرة ودون وسائط كأبي هريرة الدوسي ، أو كعب الأحبار اليهودي ، أو غيره من المدلّسين ، أو الذين وقع عليهم الجرح والتعديل في علم الرجال ، بل سيّد شباب أهل الجنّة يروي عن سيّد البشر وخاتم الأنبياء عليهمالسلام هذه الرواية والتي تضعنا أمام شمس الحقيقة.
إنّ تحكّم سلطان جائر وجب على كلّ حرٍّ أن يكون ثائراً ؛ إمّا باليد والسيف ، أو الكلمة والقلم ، ولا مجال لأضعف الإيمان (بالقلب) إذا كانت بيضة الإسلام وشريعته مهدّدة بالانحراف والضياع.
وهذا بالضبط كان حال الأُمّة الإسلاميّة حين وصل بها السقوط والتسافل ؛ ليتسنم الحكم والقيادة السياسية شخص فاسد فاسق منافق كيزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، ويسلّط زبانيته ورجاله الساقطين على هذه الأُمّة ويستهلكون مقدّراتها.
ولذا فقد وجب النهوض للإصلاح ، وحرم السكوت والخنوع ؛ لأنّ الأُمّة
__________________
١ ـ الكامل في التاريخ ٤ ص ٤٨.