تعقّل الحسين عليهالسلام من شهادة مسلم
يختلف المؤرّخون في المكان الذي ورد فيه خبر استشهاد سفيره إلى أهل الكوفة ابن عمّه مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) إلى الحسين عليهالسلام ، فمنهم مَنْ قال : بالثعلبية أو في زبالة أو في مكان آخر ، المهمّ أنّ رجلان أسديان جاءا إلى الإمام عليهالسلام وسايراه حتّى نزل في زبالة فقالا له : (رحمكَ الله ، إنَّ عندنا خبراً إنْ شئتَ حَدَّثناك علانيةً وإن شئتَ سرّاً).
وتأمّل الحسين عليهالسلام في أصحابه ، (وهنا شاهدي الأوّل على هذه الصراحة العجيبة من الإمام القائد السياسي هنا ، كيف ينطلق بها ، وكيف علينا أن نفهمها ونقتدي بها) ، فقال عليهالسلام : «ما دُونَ هؤلاءِ سترٌ».
فقالا : أرأيتَ الراكبَ الذي استقبلته عشيَّ أمسِ؟
قال : «نَعَمْ ، وأردتُ مسألتَهَ».
فقالا : قد والله استبرأنا لكَ خبره ، وكفيناك مسألته ، وهو امرؤٌ منّا ذو رأي وصدقٍ وعقلٍ ، وإنّه حدّثنا أنّه لم يخرج من الكوفة حتّى قُتل مسلم وهانئ ورآهما يُجران في السوق بأرجلهما (١).
وكان وقعُ النبأ المؤلم كالصاعقة على العلويّين ، فانفجروا بالبكاء على فقيدهم العظيم حتّى ارتّج الموضع بالبكاء ، وسالت الدموع كلّ مسيل (٢).
__________________
١ ـ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد ص ٢٢٢ ، ط ص مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ، وج٢ ص٧٤ ط ص مؤسسة آل البيت لإحياء التراث.
٢ ـ حياة الإمام الحسين بن علي عليهماالسلام ٣ ص ٦٩ ، الدرّ المسلوك ١ ص ١١١.