فانبرى إلى الإمام عليهالسلام بعض أصحابه قائلين : ننشدُكَ الله إلاّ انصرفت من مكانك ؛ فإنّه ليس لك بالكوفة ناصرٌ ولا شيعةٌ ، بل نتخوّفُ أن يكونوا عليك.
ويلتفت الإمام القائد إلى بني عقيل ويقول لهم : «ما ترونَ فقد قُتل مسلم؟».
فوثب الفتية وهم يُعلنون استهانتهم بالموت قائلين : لا واللهِ ، لا نرجعُ حتّى نُصيب ثأرَنا ، أو نذوقَ ما ذاق مسلم.
وبعد ما سمع الإمام عليهالسلام هذه المقالة ، قال : «لا خير في العيش بعد هؤلاء».
ثمّ أنشد :
سأمضي وما بالموتِ عارٌ على الفتى |
|
إذا ما نَوى حَقّاً وجاهدَ مُسلما |
||
فإنْ مُتّ لم أندم وإن عشتُ لم أُلم |
|
كفى بك عاراً أن تعيشَ وتُرغما (١) |
||
ولمّا سار من الموضع الذي أتاه فيه الخبر باتّجاه العراق لإكمال المسيرة ، وإذا به يلتقي بالشاعر العربي الحسن بن هانئ المعروف بالفرزدق ، فسلّم عليه وقال : يابن رسول الله صلىاللهعليهوآله كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمّك مسلم بن عقيل وشيعته؟!
قال : فاستعبر الحسين عليهالسلام باكياً ، ثمّ قال : «رَحِمَ الله مسلماً ، فلقد صارَ إلى روح الله وريحانه ، وجنّته ورضوانه ، أما إنّه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا».
ثمّ أنشأ يقول :
__________________
١ ـ الإرشاد ٢ ص ٧٥ ، الدرّ النظيم ص ١٦٧.