وفي العام المنصرم (١٤٢٤ هجرية) ، وعندما كنت حاجّاً إلى بيت الله الحرام ، وبعد كلّ ما رأيته بأُمّ عينيّ من أعمال وتصرّفات الملّة التي تسلّطت على أطهر بقاع الأرض ، وراحت تكفّر أُمّة (لا إله إلاّ الله) ، وتشكّك الحجّاج في دينهم ، وتعامل زوّار بيت الله الحرام والرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله بأقسى وأبشع المعاملة ، فما أفظعها وأبشعها وأشنعها أن يُقال لك : (يا مشرك ، أو يا كافر) وأنت في رحلة رحمانيّة ربّانية ، ربّما لا تتكرّر أبداً في حياة معظم الحجّاج.
ولكنّ هذا هو الذي يحدث ، وهذا هو الواقع المأساوي الذي تعيشه الأُمّة الإسلاميّة في كلّ عام ، وتبقى مصائب شيعة أهل البيت عليهمالسلام مضاعفة ، فرأيت أنّه من واجبي أن أكتب في هذا الباب ، ولكن كيف لي الدخول وأنا أجهل الباب المباشر؟!
حتى اهتديت إلى فكرة إبداعية جديدة : أن أجري شبه مقارنة ، بل مفارقة ما بين المناقب الحسينيّة ؛ باعتباري خطيباً حسينياً متخصّصاً في هذا المجال ، وبين المواقف والأعمال الوهابيّة التي أصبحت اللعنة المعاصرة للأُمّة الإسلاميّة ؛ بسبب ما فيها من جمود وتحجّر ، وجحود وتعصّب.
فهي تعامل العالم أجمع على أنّه يجب تدميره وقتل مَنْ فيه ، وتصنّف الأُمّة الإسلاميّة ما بين كافر ومشرك مستوجبي القتل والتنكيل ، واستباحة الدماء والأعراض والأموال ، لا لذنب اقترفوه إلاّ أنّهم تمسّكوا بالقرآن ، وسنّة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله ، وأهل بيته الأطهار (صلوات الله عليهم أجمعين) ، أو رفضوا رفضاً قاطعاً تعاليم وتوجيهات محمد بن عبد الوهاب البعيدة كلّ البعد عن منهج الإسلام وتعاليمه.