دَخَلْتُ عَلى أَبِي الْحَسَنِ مُوسى عليهالسلام ، فَقَالَ لِي : « يَا زِيَادُ ، إِنَّكَ لَتَعْمَلُ عَمَلَ السُّلْطَانِ؟ » قَالَ : قُلْتُ : أَجَلْ ، قَالَ لِي : « وَلِمَ؟ (١) » قُلْتُ : أَنَا رَجُلٌ لِي مُرُوءَةٌ (٢) ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ (٣) ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ظَهْرِي (٤) شَيْءٌ.
فَقَالَ لِي : « يَا زِيَادُ ، لَأَنْ أَسْقُطَ مِنْ حَالِقٍ (٥) ، فَأَتَقَطَّعَ (٦) قِطْعَةً قِطْعَةً أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَوَلّى لِأَحَدٍ مِنْهُمْ عَمَلاً ، أَوْ أَطَأَ بِسَاطَ رَجُلٍ مِنْهُمْ (٧) إِلاَّ لِمَا ذَا؟ ».
قُلْتُ : لَا أَدْرِي جُعِلْتُ فِدَاكَ (٨)
فَقَالَ (٩) : « إِلاَّ لِتَفْرِيجِ كُرْبَةٍ عَنْ مُؤْمِنٍ ، أَوْ فَكِّ أَسْرِهِ ، أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ ؛ يَا زِيَادُ ، إِنَّ أَهْوَنَ مَا يَصْنَعُ اللهُ بِمَنْ تَوَلّى لَهُمْ (١٠) عَمَلاً أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِ سُرَادِقٌ (١١) مِنْ نَارٍ إِلى أَنْ يَفْرُغَ اللهُ (١٢) مِنْ حِسَابِ الْخَلَائِقِ (١٣) ؛ يَا زِيَادُ ، فَإِنْ وُلِّيتَ شَيْئاً مِنْ أَعْمَالِهِمْ ، فَأَحْسِنْ إِلى إِخْوَانِكَ ،
__________________
(١) في « بخ ، بف » : « فلم ».
(٢) « المُرُوءة » : كمال الرجوليّة ، والمروءة : الإنسانيّة ، ولك أن تشدّد. وقيل : للأحنف : ما المروءة؟ فقال : العفّة والحِرْفَة ، وسئل آخر عن المروءة فقال : المروءة : أن لا تفعل في السرّ أمراً وأنت تستحيي أن تفعله جهراً. كذا في لسان العرب ، ج ١ ، ص ١٥٤ ( مرأ ).
وفي المرآة : « قوله : لي مروّة ، أي إحسان وفضل ، عوّدت الناس من نفسي ، أو رجاه وزيّ لا يمكنني تركه ».
(٣) في « ى » : « عيالي ».
(٤) في المرآة : « قوله : وراء ظهري ، أي ما أعتمد عليه من مال وضيعة ».
(٥) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع والمرآة : « جالق ». والحالق : الجبل المرتفعوالعالي ، يقال : جاء من حالق ، أي من مكان مشرف. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٦٣ ( حلق ).
(٦) في « ى ، بح ، بس » والبحار : « فانقطع ». وفي « بخ ، بف » : « فأقطع ». وفي « جت » : « فاقطّع ».
(٧) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والبحار والتهذيب. وفي المطبوع : « أحدهم » بدل « رجل منهم ».
(٨) في التهذيب : ـ « جعلت فداك ».
(٩) في « ط ، ى ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جد » والوافي والوسائل والبحار والتهذيب : « قال ». وفي « جن » : ـ « فقال ».
(١٠) في « بخ » : « تولاّهم » بدل « تولّى لهم ».
(١١) في « بخ ، بف » : « سرادقاً ». و « السرادق » : هو كلّ ما أحاط بشيء من حائط أو مَضْرَب أو خِباء. النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٥٩ ( سرق ).
(١٢) في « ى ، بح ، بس ، جد » والوسائل : ـ « الله ».
(١٣) في « بخ ، بف » والوافي : « الخلق ».