تُصوّر في الأوهام فهو خلافه ، ليس بربٍّ مَنْ طُرح تحت البلاغ ، ومعبودٍ مَنْ وجِدَ في هواء أو غير هواء.
هو في الأشياء كائنٌ لا كينونة محظور بها عليه ، ومن الأشياء بائنٌ لا بينونة غائب عنها. ليس بقادرٍ مَنْ قارنه ضدٌ ، أو ساواه ندٌّ ، ليس عن الدّهر قدمه ، ولا بالنّاحية أُممه ، احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار ، وعمّن في السماء احتجابه كمَنْ في الأرض.
قربه كرامته ، وبعده إهانته ، لا تحلّه في ، ولا توقّته إذ ، ولا تُؤامره إنْ ، علّوه من غير توقّلٍ ، ومجيئه من غير تنقّل ، يُوجد المفقود ، ويُفقد الموجود ، ولا تجتمع لغيره الصفتان في وقت ، يصيب الفكر منه الإيمان به ...» (١).
سمات العبادة الحسينيّة
إذا كان الخالق بهذه الصفات من الكمال ، لا بدَّ للمخلوق من اتّصافه بصفاته الجميلة ، وأجمل صفة للإنسان أنّه عبد الله ؛ ولهذا نجد أنّه أوّل ما يوصف النبيّ أو الرّسول بأنّه عبد الله ثمّ رسوله.
وأوّل وصف للعباد الكاملين من أئمّة المسلمين العبوديّة لله ؛ لأنّ الكمال المنشود بالعبوديّة الخالصة للمعبود. والعبادة : هي غاية الخلق ، أو العلّة الغائيّة لخلق المخلوقات كما يقول الفلاسفة. وهذا تقرير لما جاء بالآية الشريفة : (وَمَا
__________________
١ ـ تحف العقول ص ١٧٦ ، موسوعة البحار ٤ ص ٣٠١ ح٢٩.