______________________________________________________
يتمسكون بالإجماع فيما يكون الخلاف فيه أظهر من الخلاف هنا ، فإن ابن ابي عقيل قد انقرض القائل بمقالته ولحقه الإجماع ، فالتحريم هو المفتي به.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه هل يشترط لتحريم أم المعقود عليها ، بل كل تحريم يترتب على العقد ، أن يكون عقد النكاح لازما من الطرفين ، وهو الذي أراده المصنف بقوله : ( مطلقا ) أم يكفي للتحريم لزومه من طرف الزوج فقط ، أم لا يشترط واحد منهما فيثبت التحريم بمجرد حصول العقد الفضولي وإن كان فضوليا من الطرفين؟ فيه نظر ينشأ : من قيام الدليل على كل من الاحتمالات الثلاث :
أما الأول فلعموم الآيات الدالة على اباحة النكاح من تناول محل النزاع ، مثل قوله تعالى ( وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ ) (١) ، خرج منه ما إذا كان العقد لازما من الطرفين ، لأنه العقد الصحيح الذي يترتب عليه أثره بالنسبة إلى كل من الزوجين ، فيبقي النكاح على أصل الحل.
ويحتمل الثاني ، لأن التحريم دائر مع لزوم العقد.
ويحتمل الثالث ، لقوله تعالى ( وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ ) (٢).
والإضافة تصدق بأدنى ملابسة ، فعلى هذا لو عقد الفضولي عن الزوجة الصغيرة على رجل مباشر للعقد هو أو وكيله ، بدليل قوله : ( أو بعد فسخها ) حيث خص الفسخ بها ، على أن كون الفسخ منها لا يمنع جوازه من الزوج ، فلا يستلزم كونه غير فضولي من طرفه.
ففي تحريم الام قبل حصول الإجازة نظر يعلم مما سبق ، وكذا في تحريمها بعد فسخ الصغيرة مع كونها قد بلغت ، إذ لا يعتد بفسخها قبله نظر ينشأ : من ثبوت العقد اللازم من طرفه ، وذلك يقتضي تحريم الام فلا يزول ، ومن أنه بالفسخ تبيّن أن لا
__________________
(١) النساء : ٢٤.
(٢) النساء : ٢٣.