______________________________________________________
هذا بيان حكم ترتب تحريم المصاهرة على العقد خاصة ، وأخره عن بيان حكم النظر واللمس في ذلك ، لأنهما من توابع الوطء.
وتحقيق الكلام في ذلك أن العقد المجرد عن الوطء يحرّم أم الزوجة وإن علت تحريما مؤبدا عند أكثر فقهاء الإسلام (١) ، وخالف ابن أبي عقيل من أصحابنا في ذلك ، فاشترط في تحريمها الدخول بالزوجة كالبنت (٢) ، وهو أحد القولين للشافعي من الفقهاء الأربعة (٣).
والمذهب هو التحريم ، لأن قوله سبحانه ( وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ) (٤) صريح في اعتبار الدخول في تحريم الربيبة دون أم الزوجة من وجهين :
الأول : أن : ( من ) في قوله سبحانه ( مِنْ نِسائِكُمُ ) وإن علقها ب( نِسائِكُمْ ) من قوله عز وجل( وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ ) كانت لبيان النساء ، وتميز المدخول بهن من غير المدخول بهن. وإن علقها ب( رَبائِبُكُمُ ) من قوله تقدس وعلا( وَرَبائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ ) كانت من لابتداء الغاية ، كما تقول بنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من خديجة ، ويمتنع أن يعني بالكلمة الواحدة في خطاب واحد معنيان مختلفان.
فإن قيل : تعلق الجار بهما يجعل معناه مجرد الاتصال على حد من في قوله تعالى : ( الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ) (٥) ، ولا ريب أن أمهات النساء متصلات
__________________
(١) منهم أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ٢٨٦ ، والشيخ في المبسوط ٤ : ١٩٦ ، وسلار في المراسم : ١٤٧ ، وفخر المحققين في الإيضاح ٣ : ٦٦.
(٢) نقله عنه العلاّمة في المختلف : ٥٢٢.
(٣) انظر : المجموع ١٦ : ٢١٧ ، المغني لابن قدامة ٧ : ٤٧٢ ، السراج الوهاج : ٣٧٣.
(٤) النساء : ٢٣.
(٥) التوبة : ٦٧.