زيد بن مناة ، وكانوا في الصّلح والهدنة ، وقال مقاتل : هم خزاعة.
والقول الثاني : أنه منقطع ـ وهو قول أبي مسلم الأصفهانيّ ، واختيار الرّاغب ـ.
قال أبو مسلم : «لمّا أوجب الله الهجرة على كلّ من أسلم ، استثنى من له عذر فقال : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ) وهم قوم قصدوا الهجرة إلى الرّسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ ونصرته ، وكان [بينهم وبينه في الطّريق كفّار يخافونهم ، فعهدوا إلى كفّار كان] بينهم وبين المسلمين عهد ، فأقاموا عندهم إلى أن يمكنهم الخلاص ، واستثنى بعد ذلك من صار إلى الرّسول وأصحابه ؛ لأنه يخاف الله فيه ، ولا يقاتل الكفّار أيضا لأنهم أقاربه ؛ أو لأنه يخاف على أولاده الذين هم في أيديهم» ، فعلى هذا القول يكون استثناء منقطعا ؛ لأن هؤلاء المستثنين لم يدخلوا تحت قوله : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) والمستثنون على هذا مؤمنون.
قوله : (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) يجوز أن يكون جملة من مبتدأ وخبر في محلّ جرّ صفة ل «قوم» ، ويجوز أن يكون «بينكم» وحده صفة ل «قوم» ، فيكون في محلّ جرّ ويتعلّق بمحذوف ، و «ميثاق» على هذا رفع بالفاعليّة ؛ لأنّ الظّرف اعتمد على موصوف ، وهذا الوجه أقرب ؛ لأنّ الوصف بالمفرد أصل للوصف بالجملة.
قوله : (أَوْ جاؤُكُمْ) فيه وجهان :
أظهرهما : أنه عطف على الصّلة ؛ كأنه قيل : أو إلا الذين جاءوكم حصرت صدورهم ، فيكون التقدير : «إلا الذين يصلون بالمعاهدين ، أو الذين حصرت صدورهم فليقاتلوكم» فيكون المستثنى صنفين من النّاس : أحدهما واصل إلى قوم معاهدين ، والآخر من جاء غير مقاتل للمسلمين ولا لقومه.
والثاني : أنه عطف على صفة «قوم» وهي قوله : (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ ،) فيكون المستثنى صنفا واحدا يختلف باختلاف من يصل إليه من معاهد وكافر ، واختار الأول الزّمخشري وابن عطيّة.
قال الزّمخشريّ : «الوجه العطف على الصّلة ؛ لقوله : (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ) بعد قوله : (فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ) فقرّر أنّ كفّهم عن القتال أحد سببي استحقاقهم لنفي التعرّض لهم ، وترك الإيقاع بهم ، فإن قلت : كلّ واحد من الاتّصالين له تأثير في صحة الاستثناء ، واستحقاق ترك التّعرض للاتصال بالمعاهدين والاتصال بالكافّين ، فهلا جوّزت أن يكون العطف على صفة «قوم» ، ويكون قوله : (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) تقريرا لحكم اتّصالهم بالكافّين واختلاطهم بهم ، وجريهم على سننهم؟ قلت : هو جائز ، ولكن الأوّل أظهر وأجرى على أسلوب الكلام». انتهى.
وإنما كان أظهر لوجهين :