وقوله : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) يجوز أن يراد ب «ما» غير العبيد والإماء حملا على الأنواع ؛ لقوله ـ تعالى ـ (ما طابَ لَكُمْ) [النساء : ٣] وأن يكون أريد جميع ما ملكه [الإنسان](١) من الحيوانات ، فاختلط العاقل بغيره ، فأتى ب «ما».
فصل
روت أمّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ : قالت : كان النّبيّ صلىاللهعليهوسلم يقول في مرضه (٢) : «الصّلاة وما ملكت أيمانكم» (٣) ، وقال ـ عليهالسلام ـ : هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن جعل الله أخاه تحت يده ، فليطعمه ممّا يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا يكلّفه من العمل ما يغلبه [فإن كلّفه من العمل ما يغلبه](٤) فليعنه عليه (٥).
ثم قال : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً :) المختال هو ذو الخيلاء والكبر.
قال أهل اللغة (٦) : هو التيّاه ، والمختال اسم فاعل من اختال يختال ، أي : تكبّر وأعجب بنفسه ، وألفه عن ياء ؛ كقولهم : الخيلاء والمخيلة ، وسمع أيضا : خال الرّجل يخال (٧) خولا بالمعنى الأوّل ، فيكون لهذا المعنى مادّتان خيل وخول.
قال ابن عبّاس : «يريد المختال العظيم في نفسه ، الذي لا يقوم بحقوق أحد» (٨).
والفخور (٩) صيغة المبالغة ، وهو الّذي يعد مناقب نفسه ومحاسنه ، وقال ابن عبّاس : الفخور الذي يفخر على عباد الله بما أعطاه من أنواع نعمه.
وقال ـ عليهالسلام ـ : بينما رجل يتبختر في بردين ، وقد أعجبته نفسه ، خسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة (١٠).
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في ب : مرخصة.
(٣) أخرجه ابن ماجه (١ / ٥١٩) كتاب الجنائز : باب ما جاء في ذكر مرض الرسول صلىاللهعليهوسلم (١٦٢٥) والبغوي في «شرح السنة» (٥ / ٢٥١) وأحمد (٦ / ٣١١ ، ٣٢١) من حديث أم سلمة.
وله شاهد عن أنس بن مالك :
أخرجه أحمد (٣ / ١١٧) وابن ماجه (٢٦٩٧) والحاكم (٢ / ٥٧) وقال الحاكم : قد اتفقا على إخراج هذا الحديث.
وشاهد آخر عن علي بن أبي طالب :
أخرجه أبو داود (٥١٥٦) والبيهقي (٨ / ١١) وابن ماجه (٢٦٩٨) وأحمد (١ / ٧٨).
(٤) سقط في أ.
(٥) أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١٨٧) ومسلم (٥ / ٩٣) وأبو داود (٥١٥٨) والترمذي (١ / ٣٥٣) وابن ماجه (٣٦٩٠) والبيهقي (٨ / ٧) وأحمد (٥ / ١٥٨ ، ١٦١) عن أبي ذر الغفاري.
(٦) ينظر : الدر المصون ٢ / ٣٦٢.
(٧) في أ : خالا.
(٨) ذكره الفخر الرازي في «التفسير الكبير» (١٠ / ٧٩) عن ابن عباس.
(٩) في أ : والفخر.
(١٠) أخرجه البخاري (١٠ / ٢٥٨) كتاب اللباس : باب من جر ثوبه من الخيلاء (٥٧٨٩) ومسلم (٣ / ـ