أحدهما : أنها متعلقة بنفس الفعل على أنها باء التعدية.
الثاني : أنها تتعلّق بمحذوف ، على أنّها حال من الضمير في «انقلبوا» والباء على هذا للمصاحبة ، كأنه قيل : فانقلبوا ملتبسين بنعمة ومصاحبين لها. والتقدير : وخرجوا فانقلبوا ، وحذف الخروج ؛ لأن الانقلاب يدل عليه ، كقول : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) أي : فضرب فانفلق ومعنى الآية : (فَانْقَلَبُوا) بعافية ، لم يلقوا عدوا «وفضل» تجارة وربح ، وهو ما أصابوا من السوق.
قوله : (لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) هذه الجملة في محل نصب على الحال ـ أيضا ـ وفي ذي الحال وجهان :
أحدهما : أنه فاعل «انقلبوا» أي : انقلبوا سالمين من السوء.
الثاني : أنه الضمير المستكن في «بنعمة» إذا كانت حالا ، والتقدير : فانقلبوا منعّمين بريئين من السوء. والعامل فيها : العامل في بنعمة فهما حالان متداخلتان ، والحال إذا وقعت مضارعا منفيا ب «لم» وفيها ضمير ذي الحال جاز دخول الواو وعدمه فمن الأول قوله تعالى : (أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) [الأنعام : ٩٣] وقول كعب : [البسيط]
١٦٩١ ـ لا تأخذنّي بأقوال الوشاة ولم |
|
أذنب ولو كثرت فيّ الأقاويل (١) |
ومن الثّاني هذه الآية ، وقوله : (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً) [الأحزاب : ٢٥] وقول [قيس](٢) بن الأسلت :
١٦٩٢ ـ وأضرب القونس يوم الوغى |
|
بالسّيف لم يقصر به باعي (٣) |
وبهذا يعرف غلط الأستاذ ابن خروف ؛ حيث زعم أنّ الواو لازمة في مثل هذا ، سواء كان في الجملة ضمير ، أو لم يكن.
قوله : (وَاتَّبَعُوا) يجوز في هذه الجملة وجهان :
الأول : أنها عطف على «انقلبوا».
الثاني : أنها حال من فاعل «انقلبوا» ـ أيضا ـ ويكون على إضمار «قد» أي : وقد اتبعوا.
فصل
قال القرطبيّ : «وقد اختلف العلماء في زيادة الإيمان ونقصانه على أقوال ، والعقيدة في هذا على أن نفس الإيمان ـ الذي هو تاج ـ واحد ، وتصديق واحد بشيء ما إنما هو
__________________
(١) ينظر البيت في ديوانه ١٢ ، والبحر المحيط ٣ / ١٢٤ ، والعمدة ١ / ٢٤ والدر المصون ٢ / ٢٦٢.
(٢) في ب : صيفي.
(٣) ينظر البيت في ديوانه ص ٨١ ورغبة الآمل ٢ / ٢١٣ والبحر المحيط ٣ / ١٢٥ والمفضليات ص ٢٨٦ وشرحها للتبريزي ٢ / ١٠١٢ ولابن الأنباري ص ٥٧٢ والدر المصون ٢ / ٢٦٢.