ويؤيّده قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً) [يونس : ٤٤] والذّرّة : قال أهل اللّغة (١) : هي النّملة الحمراء ، وقيل : رأسها (٢) ، وقيل : الذّرّة جزء من أجزاء الهباء في الكوة ، ولا يكون لها وزن.
وروي أن ابن عبّاس أدخل يده في التّراب ، ثم رفعها ، ثم نفخ فيها ، ثم قال : كل واحد من هذه الأشياء (٣).
والأول هو المشهور ؛ لأن النّملة يضرب بها المثل في القلّة ، وأصغر ما يكون إذا مرّ عليها حول ، وقالوا : لأنّها حينئذ تصغر جدّا.
قال حسّان : [الخفيف]
١٧٩٧ ـ لو يدبّ الحوليّ من ولد الذّر |
|
ر عليها لأندبتها الكلوم (٤) |
وقال امرؤ القيس : [الطويل]
١٧٩٨ ـ من القاصرات الطّرف لو دبّ محول |
|
من الذّرّ فوق الإتب منها لأثّرا (٥) |
فصل
روى مسلم عن أنس ؛ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يظلم الله مؤمنا حسنة ، يعطى بها [في الدّنيا](٦) ويجزى بها في الآخرة ، وأما الكافر فيعطى حسنات ما عامل الله بها في الدّنيا ، حتى إذا مضى إلى الآخرة ، لم يكن له حسنة يجزى عليها» (٧).
فصل : دليل أهل السنة على خروج المؤمنين من النار
واحتج أهل السّنّة بهذه الآية ، على أنّ المؤمنين يخرجون من النّار إلى الجنّة ؛ قالوا : لأن ثواب الإيمان والمداومة على التّوحيد ، والإقرار بالعبوديّة مائة سنة ، أعظم ثوابا من عقاب شرب جرعة من الخمر ، فإذا حضر هذا الشّارب القيامة وأسقط [عنه](٨) قدر عقاب هذه المعصية من ذلك الثّواب العظيم ، فضل له من الثّواب قدر عظيم ، فإذا
__________________
(١) ينظر : الرازي ١٠ / ٨٢.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٣٦٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢٩٠) وزاد نسبته لعبد بن حميد.
(٣) ذكره الرازي في تفسيره ١٠ / ٨٢.
(٤) ينظر البيت في ديوانه ٢٢٣ والبحر المحيط ٣ / ٢٦١ ، والدر المصون ٢ / ٢٦٥.
(٥) ينظر البيت في ديوانه (٦٥) : والبحر المحيط ٣ / ٢١٦ ، والدر المصون ٢ / ٣٦٥.
(٦) سقط في ب.
(٧) أخرجه مسلم (٢ / ٣٤٤ ـ ٣٤٥) وأحمد (٣ / ١٢٣ ، ١٢٥ ، ٢٨٣) والطيالسي (١١ ـ ٢) والطبري في «تفسيره» (٨ / ٢٦١) عن أنس بن مالك مرفوعا.
(٨) سقط في أ.