في الصلة وتحذفها ، كما قرىء : (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ).
فقوله : ويجوز يعني من حيث الصناعة ، وأما كونها قراءة ، فلا نحفظها.
فصل
اللين : الرفق. ومعنى الكلام : فبرحمة من الله لنت لهم ، أي : سهلت لهم أخلاقك ، وكثر احتمالك ، ولم تسرع إليهم فيما كان منهم يوم أحد. واحتجوا ـ بهذه الآية ـ على مسألة القضاء والقدر ، لأن الله بين أن حسن الخلق إنما كان بسبب رحمة الله تعالى.
قوله : (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) الفظاظة : الجفوة في المعاشرة قولا وفعلا ، قال الشّاعر : [البسيط]
١٦٧٩ ـ أخشى فظاظة عمّ ، أو جفاء أخ |
|
وكنت أخشى عليها من أذى الكلم (١) |
والغلظ : كبر الأجرام ، ثم تجوز به في عدم الشفقة ، وكثرة القسوة في القلب.
قال الشاعر : [البسيط]
١٦٨٠ ـ يبكى علينا ولا نبكي على أحد |
|
ونحن أغلظ أكبادا من الإبل (٢) |
وقال الراغب (٣) : الفظّ : هو الكريه الخلق ، وقال الواحديّ : الفظّ : الغليظ الجانب ، السيّىء الخلق وهو مستعار من الفظّ ، وهو ماء الكرش ، وهو مكروه شربه إلا في ضرورة.
وقال الراغب (٤) : الغلظ : ضد الرّقة ، ويقال : غلظة بالكسر والضم وعن الغلظة تنشأ الفظاظة.
فإن قيل : إذا كانت الفظاظة تنشأ عن الغلظة ، فلم قدّمت عليها؟
فالجواب : قدّم ما هو ظاهر للحس على ما هو خاف في القلب ؛ لأن الفظاظة : الجفوة في العشرة قولا وفعلا ـ كما تقدم ـ والغلظة : قساوة القلب ، وهذا أحسن من قول من جعلهما بمعنى ، وجمع بينهما تأكيدا. وأما الانفضاض والغضّ فهو تفرّق الأجزاء وانتشارها. ومنه فضّ ختم الكتاب ، ثم استعير منه انفضاض الناس ، قال تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) [الجمعة : ١١] ومنه يقال : لا يفضض الله فاك.
__________________
(١) البيت لإسحاق بن خلف. ينظر ديوان الحماسة ١ / ١٦٥ والبحر ٣ / ٨٨ والدر المصون ٢ / ٤٦.
(٢) ينظر البيت في تفسير القرطبي ٤ / ٢٤٨ والبحر ٣ / ٨٨ والدر المصون ٢ / ٢٤٦.
(٣) ينظر : المفردات ٣٩٦.
(٤) المفردات ٣٧٦.