فصل : [تفسير المراد بالمحصنات]
والمراد بالمحصنات ههنا الحرائر [لأنه تعالى أثبت نكاح الإماء عند تعذر نكاح المحصنات ، فلا بد أن يكون المراد بهن الحرائر](١) ؛ لأنه ذكرهن كالضّد للإماء ووجه تسميتهن بالمحصنات على قراءة من فتح الصّاد (٢) أنّهن أحصن بحريتهن عن أحوال الإماء فإنّ الأمة تكون خراجة ممتهنة مبتذلة في الظّاهر ، والحرة مصونة عن هذه القضايا ، وأمّا على قراءة كسر (٣) الصاد فالمعنى أنهن أحصن أنفسهن بحريتهنّ.
فصل [في شرط نكاح الأمة]
دلّت الآية على أنّه لا يجوز للحرّ نكاح الأمة إلّا بشرطين ؛ وهما ألّا يجد مهر حرة ، ولا ثمن أمة ، وأن يخاف العنت ، وهو قول جائز ، وبه قال طاوس وعمرو بن دينار ، وإليه ذهب مالك والشّافعيّ وأحمد ، وجوّز أصحاب الرّأي للحر نكاح الأمة.
فإن قيل : أيّ تفاوت بين ثمن الأمة ، أو مهرها وبين نكاح الحرّة الفقيرة.
فالجواب : أنّ العادة (٤) كانت في الإماء (٥) التخفيف لاشتغالهن (٦) بخدمة السّيّد فظهر التّفاوت.
فصل [في حكم نكاح الأمة الكتابية]
دلّت الآية على أنّه لا يجوز للمسلم نكاح الأمة الكتابيّة لقوله : (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) ولقوله : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [المائدة : ٥] ولأن الأمة الكافرة ناقصة من وجهين :
نقص الرّقّ ، ونقص الكفر ، والولد تابع للأمّ في الحرية والرق ، فيتعلّق الولد رقيقا على ملك الكافر وجوز أبو حنيفة ذلك لعموم قوله : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) [النساء : ٣] وقوله : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) [النور : ٣٢] وقوله : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) وقوله: (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) [المائدة : ٥] والمراد بهذا الإحصان العفّة.
والجواب أنّ آيتنا خاصة ، والخاص مقدّم على العام ؛ ولأنها دخلها التخصيص فيما إذا كان تحته حرّة ، واتّفقوا على أنّه [لا](٧) يجوز وطؤها بملك اليمين. انتهى.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) وهي قراءة الجمهور في هذه الآية إلا ما كان من كسرها للكسائي في غير هذا الموضع.
انظر : السبعة ٢٣٠ ، والحجة ٣ / ١٤٦ ، ١٤٧ ، وحجة القراءات ١٩٦ ، ١٩٧ ، والعنوان ٨٤ ، وإعراب القراءات ١ / ١٣١ ، وشرح شعلة ٣٣٧ ، وشرح الطيبة ٤ / ٢٠١ ، وإتحاف ١ / ٥٠٨.
(٣) ينظر : القراءة السابقة.
(٤) في أ : التفاوت.
(٥) في أ : الأمة.
(٦) في أ : لاستعمالهن.
(٧) سقط في ب.