١٧٧١ ـ إن لم أقاتل فالبسوني برقعا (١)
وقد طول أبو البقاء هنا ، ولم يأت بطائل فقال : وفي قوله (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) إشكالان :
أحدهما : أنه جمع الضمير والمتقدم زوجان.
والثاني : أن التي يريد أن يستبدل بها هي التي تكون قد أعطاها مالا ، فنهاه عن أخذه ، فأمّا التي يريد أن يستحدث بها فلم يكن أعطاها شيئا حتّى ينهى عن أخذه ، ويتأيد ذلك بقوله (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ).
والجواب عن الأول : أنّ المراد بالزوج الجمع ؛ لأن الخطاب لجماعة الرجال ، وكل منهم [قد](٢) يريد الاستبدال (٣) ، ويجوز أن يكون جمع ؛ لأن التي يريد أن يستحدثها يفضي حالها إلى أن تكون زوجا و [أن](٤) يريد أن يستبدل بها كما استبدل بالأولى فجمع على هذا المعنى.
وأمّا الإشكال الثاني ففيه جوابان :
أحدهما : أنّه وضع الظاهر موضع المضمر ، والأصل «وآتيتموهن».
والثاني : أن المستبدل بها مبهمة فقال «إحداهن» إذ لم يتعين حتى يرجع الضمير إليها ، وقد ذكرنا نحوا من هذا في قوله (فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) انتهى.
قال شهاب الدّين : وفي قوله «وضع الظاهر موضع المضمر» نظر ؛ لأنّه لو كان الأصل كذلك لأوهم أنّ الجميع آتوا الأزواج قنطارا كما تقدم وليس كذلك.
فصل [حكم المغالاة في المهر]
قالوا : دلّت الآية على جواز المغالاة في المهر (٥).
__________________
(١) ينظر البيت في الخصائص ٣ / ١٥١ والبحر المحيط ٣ / ٢١٥ والمحتسب ١ / ١٢٠ والدر المصون ٢ / ٣٣٧.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : استبدال.
(٤) سقط في ب.
(٥) من أقبح العادات أن يطلب والد العروس من الزوج ما يعجز عن دفعه ، فيضطر إلى بيع ما يملك ، أو الاستدانة من غيره ، فيبتدىء صفحة حياته الجديدة بالهمّ والشقاء المستمر ، وهذا من دواعي إحجام بعض الشبان عن الزواج ، وفي الحديث الشريف : «أقلهنّ صداقا أكثرهن بركة».
ومن أقبح العادات المغالاة في الجهاز ، لأن الناس يخرجون فيه عن طورهم ، فترى الفقير يريد أن يعد جهازا كجهاز الأغنياء ، فلا ينتهي من الجهاز إلا وقد عمه الدّين ، وأما الأغنياء : فإن كثيرا منهم اندفعوا في شراء ما خف حمله ، وغلا ثمنه. فخرجوا من ذلك وقد أحاط الدين بممتلكاتهم ، ولقد شاهدنا أن بعضهم أصبح من أجل ذلك فقيرا بعد أن كان غنيا.
ومن البلية الكبرى أن أكثر الجهاز لا يستعمل في مرافق الحياة ، بل جله زينة وزخرف سريع العطب ، ـ