الله ـ [تعالى](١) ـ ، فإن وافق ، فاقبلوه ، وإلا فردّوه» وهذا مخالف لعموم الكتاب ، وأيضا فإنها أخبار وردت في واقعة تعمّ الحاجة إلى معرفتها ؛ لأن الصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ كانوا في أكثر الأوقات في السّفر والغزو ، فلو كانت الرّخصة مخصوصة بسفر مقدّر ، لعرفوها ونقلوها نقلا متواترا ، لا سيّما وهو على خلاف ظاهر القرآن ، وأيضا : فدلائل الشّافعيّة ودلائل الحنفيّة متقابلة متدافعة فسقطت (٢) ووجب الرّجوع لظاهر القرآن.
فصل
خصّ أهل الظّاهر جواز القصر بحال الخوف ؛ لقوله ـ تعالى ـ : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ) والمشروط بالشّيء عدم ، عند عدم ذلك الشّيء ، ولا يجوز دفع هذا الشّرط بأخبار الآحاد ؛ لأن نسخ القرآن بخبر الواحد لا يجوز.
قوله : (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) فقيل : إن يفتنوكم عن إتمام الرّكوع [والسّجود](٣) ، وقيل : (أَنْ يَفْتِنَكُمُ) أي يغلبكم الّذين كفروا في الصّلاة ، ونظيره قوله : [تعالى](٤) : (عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ) عن الصلاة ؛ لأن كلّ محنة ، وبليّة ، وشدّة فهي فتنة ، وجواب الشّرط محذوف يدلّ عليه ما قبله.
وقيل : الكلام تمّ [عند قوله : «من الصّلاة» (٥)] والجملة الشّرطية مستأنفة حتى قيل : إنها نزلت بعد سنة عن نزول ما قبلها ، وجوابه حينئذ (٦) أيضا محذوف ، ولكن يقدّر من جنس ما بعده ، وهذا قول ضعيف ، وتأخير نزولها لا يقتضي استئنافها.
فصل
اختلفوا متى يقصر :
فالجمهور على أنّ المسافر لا يقصر حتّى يخرج من بيوت القرية [وحينئذ](٧) هو ضارب في الأرض ، وهو قول مالك في المدوّنة (٨) ، وروي عنه : أنّه إذا كانت قرية تجمع أهلها لا يقصر حتى يجاوزها بثلاثة أميال ، وكذلك في الرّجوع ، وعن الحارث بن أبي ربيعة : إذا أراد السّفر ، يقصر في منزله ؛ فيكون معنى قوله ـ [تعالى](٩) ـ : (إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) معناه](١٠) : إذا أردتم السّفر. وعن مجاهد : لا يقصر يومه الأوّل حتى اللّيل ، وهذا شاذّ ؛ لأن النّبي صلىاللهعليهوسلم صلى الظّهر بالمدينة [أربعا](١١) ، وصلّى العصر بذي الحليفة
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : فتساقطت.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في ب.
(٦) في ب : وحينئذ فجوابه.
(٧) سقط في أ.
(٨) في أ : المدينة.
(٩) سقط في ب.
(١٠) سقط في ب.
(١١) سقط في أ.