الحديث : «نهى عن بيع الغرر» ويجوز أن يكون جمعا.
وقرأ عبد الله بفتح الغين (١) وفسرها بالشيطان ويجوز أن يكون فعولا بمعنى مفعول ، أي : متاع الغرور ، أي : المخدوع ، وأصل الغرر : الخدع.
قال سعيد بن جبير : هذا في حق من آثر الدنيا على الآخرة ، وأما من طلب الآخرة بها فإنها متاع بلاغ.
قوله تعالى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)(١٨٦)
وهذه الآية زيادة في تسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم لأنه بيّن له أنّ الكفار بعد أن آذوا الرسول صلىاللهعليهوسلم والمسلمين يوم أحد ، فسيؤذونهم ـ أيضا ـ في المستقبل في النفس والمال.
والمراد منه أن يوطّنوا أنفسهم على الصبر ؛ فإن العالم بنزول البلاء عليه لا يعظم وقعه في قلبه بخلاف غير العالم فإنه يعظم عنده ويشقّ عليه.
قوله : (لَتُبْلَوُنَ) هذا جواب قسم محذوف ، تقديره : والله لتبلونّ ، وهذه الواو هي واو الضمير ، والواو التي هي لام الكلمة حذفت لأمر تصريفيّ ، وذلك أن أصله : لتبلووننّ ، فالنون الأولى للرفع ، حذفت لأجل نون التوكيد ، وتحرّكت الواو [الأولى](٢) ـ التي هي لام الكلمة ـ وانفتح ما قبلها ، فقلبت ألفا ، فالتقى ساكنان ـ الألف وواو الضمير ـ فحذفت الألف ؛ لئلا يلتقيا ، وضمّت الواو ؛ دلالة على المحذوف. وإن شئت قلت : استثقلت الضمة على الواو الأولى ، فحذفت ، فالتقى ساكنان ، فحذفت الواو الأولى وحرّكت الثانية بحركة مجانسة ، دلالة على المحذوف. ولا يجوز قلب مثل هذه الواو همزة ؛ [لأن حركتها عارضة](٣) ولذلك لم [تقلب](٤) ألفا ، وإن تحرّكت وانفتح ما قبلها.
ويقال للواحد من المذكّر : لتبلونّ يا رجل وللاثنين : لتبليانّ يا رجلان ، ولجماعة الرجال : لتبلونّ.
وأصل «لتسمعنّ» : لتسمعوننّ ، ففعل فيه ما تقدم ، إلا أن هنا حذفت واو الضمير ؛ لأن قبلها حرفا صحيحا.
فصل في المراد بالابتلاء
معنى الابتلاء : الاختبار وطلب المعرفة ، ومعناه في وصف الله تعالى به معاملة
__________________
(١) انظر : البحر المحيط ٣ / ١٣٩ ، والدر المصون ٢ / ٢٧٨.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : لأنها حركة عارضة.
(٤) في أ : تثبت.