النصرة. قراءة الجمهور (يَخْذُلْكُمْ) ـ بفتح الياء ـ من خذله ـ ثلاثيا ـ.
وقرأ عمرو بن عبيد : «يخذلكم» ـ بضم الياء (١) ـ من أخذل ـ رباعيا ـ والهمزة فيه لجعل الشيء ، أي : إن يجعلكم مخذولين ، والخذل والخذلان ـ ضد النصر ـ وهو ترك من يظن به النّصرة ، وأصله من خذلت الظبية ولدها ـ إذا تركته منفردا ـ ولهذا قيل لها : خاذل ويقال للولد المتروك ـ أيضا ـ : خاذل ، وهذا على النّسب ، والمعنى : أنّها مخذولة.
قال الشاعر : [البسيط]
١٦٨١ ـ بجيد مغزلة أدماء خاذلة |
|
من الظّباء تراعي شادنا خرقا (٢) |
ويقال له ـ أيضا ـ : خذول ، فعول بمعنى مفعول.
قال الشاعر : [الطويل]
١٦٨٢ ـ خذول تراعي ربربا بخميلة |
|
تناول أطراف البرير وترتدي (٣) |
ومنه يقال : تخاذلت رجلا فلان.
قال الأعشى : [الرمل]
١٦٨٣ ـ بين مغلوب كريم جدّه |
|
وخذول الرّجل من غير كسح (٤) |
ثم قال : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فقدم الجارّ إيذانا بالاختصاص ، أي : ليخص المؤمنون ربّهم بالتوكل عليه والتفويض له ؛ لعلمهم أنه لا ناصر لهم سواه. وهو معنى حسن ، ذكره الزمخشريّ.
فصل
احتجوا ـ بهذه الآية ـ على أن الإيمان لا يحصل إلا بإعانة الله ، والكفر لا يحصل إلا بخذلانه ؛ لأن الآية دالة على أن الأمر كلّه لله.
قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(١٦١)
(أَنْ يَغُلَ) في محل رفع ، اسم كان و «لنبيّ» خبر مقدّم ، أي : ما كان له غلول أو إغلال على حسب القراءتين.
__________________
(١) انظر : البحر المحيط ٣ / ١٠٦ ، والدر المصون ٢ / ٢٤٧.
(٢) البيت لزهير بن أبي سلمى ينظر ديوانه ٣٥ ، والبحر المحيط ٣ / ٨٨ وأشعار الشعراء الستة الجاهليين ١ / ٣٠٤ والدر المصون ٢ / ٢٤٨.
(٣) البيت لطرفة بن العبد ينظر ديوانه (٩) وشرح المعلقات ١٣٨ والبحر ٣ / ٨٨ وأشعار الشعراء الستة الجاهليين ٢ / ٤١ ومقاييس اللغة ٢ / ١٦٥ واللسان (خذل) وشرح القصائد السبع ص ١٤١ والدر المصون ٢ / ٢٤٨.
(٤) ينظر ديوانه ٢٤٣ وتاج العروس ٧ / ٣٠١ وأساس البلاغة ص ١٥٦ و ٥٤٣ والمفردات في غريب القرآن ص ١٤٥ ومقاييس اللغة ٢ / ١٦٦ والدر المصون ٢ / ٢٤٨.