الثّانية في الزّوج والزّوجة والإخوة من الأمّ ، والآية الّتي ختم بها سورة النساء في الإخوة ، والأخوات من الأب والأمّ ، والآية التي ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أولي الأرحام (بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ)(١) [الأنفال : ٧٥].
قوله : (غَيْرَ مُضَارٍّ) «غير» نصب على الحال من الفاعل في «يوصى» ، وهو ضمير يعود على الرجل في قوله : (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ ،) هذا إن أريد بالرّجل الموروث ، وإن أريد به الوارث كما تقدّم ، فيعود على الميّت الموروث المدلول عليه بالوارث من طريق الالتزام ، كما دلّ عليه في قوله : (فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ ،) أي : تركه الموروث ، فصار التقدير : يوصى بها الموروث ، وهكذا أعربه الناس فجعلوه حالا : الزّمخشريّ وغيره.
وردّه أبو حيّان (٢) ، بأنّه يؤدّي إلى الفصل بين هذه الحال (٣) وعاملها بأجنبيّ منهما ، وذلك أنّ العامل فيها (يُوصى) كما تقرّر.
وقوله : (أَوْ دَيْنٍ) أجنبي ؛ لأنّه معطوف على (وَصِيَّةٍ) الموصوفة بالعامل في الحال.
قال : ولو كان على ما قالوه من الإعراب لكان التركيب : «من بعد وصية يوصى بها غير مضار أو دين».
وهذا الوجه مانع في كلتا القراءتين : أعني بناء الفعل للفاعل ، أو المفعول ، وتزيد عليه قراءة البناء للمفعول وجها آخر ، وهو أن صاحب الحال غير مذكور ؛ لأنّه فاعل في الأصل ، حذف وأقيم المفعول مقامه ، ألا ترى أنّك لو قلت : «ترسل الرياح مبشرا بها» بكسر الشين يعني «يرسل الله الرياح مبشرا بها» فحذفت الفاعل ، وأقمت المفعول مقامه ، وجئت بالحال من الفاعل لم يجز ، فكذلك هذا ، ثم خرّجه على أحد وجهين :
إما بفعل يدلّ عليه ما قبله من المعنى ؛ ويكون عاما لمعنى ما يتسلّط على المال بالوصية أو الدّين ، وتقديره : يلزم ذلك ماله ، أو يوجبه [فيه](٤) غير مضارّ بورثته بذلك الإلزام أو الإيجاب.
وإمّا بفعل مبني للفاعل لدلالة المبني للمفعول عليه ، أي : يوصي غير مضارّ ، فيصير نظير قوله : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ) [النور : ٣٦ ، ٣٧] على قراءة من قرأ بفتح الباء.
فصل
اعلم أنّ الضّرار في (٥) الوصيّة يقع على وجوه :
__________________
(١) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٤٠٤.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٣ / ١٩١.
(٣) في أ : الحالة.
(٤) سقط في ب.
(٥) في أ : من.