قوله : (عَلَى النِّساءِ) متعلق ب (قَوَّامُونَ) وكذا «بما» والباء للسّببيّة ، ويجوز أن تكون للحال ، فتتعلّق بمحذوف ؛ لأنّها حال من الضّمير في (قَوَّامُونَ) تقديره : مستحقّين بتفضيل الله إيّاهم ، و «ما» مصدريّة ، وقيل : بمعنى الّذي ، وهو ضعيف لحذف العائد من غير مسوّغ.
والبعض الأوّل المراد به الرّجال ، والبعض الثّاني : النساء ، وعدل عن الضّميرين فلم يقل : بما فضّلهم الله عليهنّ ، للإبهام الذي في بعض.
فصل في دلالة الآية على تأديب النساء
دلّت الآية على تأديب الرّجال نساءهم ، فإذا حفظن حقوق الرّجال ، فلا ينبغي أن يسيء الرّجل عشرتها.
فصل
اعلم أنّ فضل الرّجال على النّساء من وجوه كثيرة ؛ بعضها صفات حقيقيّة ، وبعضها أحكام شرعيّة ، فالصّفات الحقيقيّة [أن](١) عقول الرّجال وعلومهم أكثر ، وقدرتهم على الأعمال الشّاقّة أكمل ، وفيهم كذلك من العقل والقوّة والكتابة في الغالب والفروسيّة ، والرّمي ، وفيهم العلماء ، والإمامة الكبرى [والصغرى](٢) ، والجهاد والأذان ، والخطبة ، والجمعة ، والاعتكاف ، والشّهادة على (٣) الحدود والقصاص ، وفي الأنكحة عند بعضهم ، وزيادة نصيب الميراث ، والتّعصيب ، وتحمل الدّية في قتل الخطأ ، وفي القسامة ، وفي ولاية النّكاح ، والطّلاق ، والرّجعة ، وعدد الأزواج ، وإليهم الانتساب.
وأمّا الصّفات الشّرعيّة فقوله تعالى : (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) والمراد : عطية المهر ، والنّفقة عليها ، وكلّ ذلك يدلّ على فضل الرّجال على النّساء.
قوله تعالى : (وَبِما أَنْفَقُوا) يتعلّق بما تعلّق به الأوّل ، و «ما» يجوز أن تكون بمعنى «الّذي» من غير ضعف ؛ لأنّ للحذف مسوّغا ، أي : «وبما أنفقوه من أموالهم».
(مِنْ أَمْوالِهِمْ) متعلّق ب (أَنْفَقُوا ،) أو بمحذوف على أنّه حال من الضّمير المحذوف.
فصل
قال القرطبيّ (٤) : قوله : (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) يدلّ على أنّه متى عجز عن
__________________
ـ وله طريق آخر ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٧١) وعزاه لابن أبي حاتم من طريق أشعث بن عبد الملك عن الحسن.
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : في.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ١١١.