[لأن توريث ذوي الأرحام ليس من باب ما عرف بدليل](١) قاطع بإجماع الأمّة ، فلم يكن توريثهم فرضا ، والآية إنّما تناولت التّوريث المفروض فلزم القطع بأنّ هذه الآية ما تناولت ذوي الأرحام.
قوله تعالى : (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً)(٨)
اختلفوا في المراد بهذه القسمة على ثلاثة أقوال :
القول الأوّل : أنّ المراد بها قسمة الميراث ، واختلف القائلون بهذا القول ، هل المراد به الوجوب أو النّدب؟ فالقائلون بالوجوب اختلفوا ، فقال سعيد بن المسيّب والضّحاك : كانت هذه قبل آية المواريث ، فلمّا نزلت آية المواريث جعلت المواريث لأهلها ونسخت هذه الآية (٢) ، وقال ابن عبّاس والشّعبيّ والنّخعيّ والزّهريّ : هي محكمة (٣).
قال مجاهد : هي واجبة على أهل الميراث ما طالت به (٤) أنفسهم.
قال الحسن (٥) : كانوا يعطون التابوت والأواني ورثّ الثياب والمتاع والشيء الذي يستحيا من قسمته ، وإن كان بعض الورثة صغارا فقد اختلفوا فيه ، قال ابن عبّاس وغيره (٦) : إن كانت الورثة كبارا رضخوا لهم ، وإن كانت الورثة صغارا اعتذروا إليهم ، فيقول الولي : إني لا أملك هذا المال إنّما هو للصغار ، ولو كان لي منه شيء لأعطيتكم. وقال بعضهم (٧) : ذلك حقّ واجب في أموال الصّغار والكبار ، فإن كانوا كبارا تولوا إعطاءهم وإن كانوا صغارا أعطى وليهم ، وروى محمّد بن سيرين أنّ عبيدة السّلماني قسم أموال أيتام ، وأمر بشاة فذبحت فصنع لهم طعاما لأجل هذه الآية ، وقال : لو لا هذه الآية لكان هذا من مالي (٨).
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٩) عن سعيد بن المسيب والضحاك وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢١٩) عن سعيد بن المسيب وزاد نسبته لعبد الرزاق وأبي داود في ناسخه وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٧ ـ ٨) عن ابن عباس والشعبي وسعيد بن جبير والحسن والزهري.
وأخرجه البخاري (٤ / ٥٦) كتاب الوصايا باب قوله تعالى وإذا حضر القسمة رقم (٢٧٥٩) والبيهقي في «سننه» (٦ / ٢٦٦) عن ابن عباس بلفظ : إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت ...
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢١٨) وزاد نسبته لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبي داود في ناسخه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ٧) عن مجاهد.
(٥) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٩٧.
(٦) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٩٧.
(٧) ينظر : تفسير البغوي ١ / ٣٩٧.
(٨) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ١٧).