على من غلّ دليل على تعظيم الغلول ، وتعظيم الذنب فيه ، وأنه من الكبائر ، وهو من حقوق الآدميين ، ولا بدّ فيه من القصاص بالحسنات والسيئات ، ثم صاحبه في المشيئة وقوله صلىاللهعليهوسلم : «شراك أو شراكان من نار» مثل قوله : «أدّوا الخياط والمخيط» (١) وهذا يدل على أن القليل والكثير لا يحلّ أخذه في الغزو قبل المقاسم ، إلا ما أجمعوا عليه من أكل المطاعم في أرض الغزو والاحتطاب والاصطياد.
فصل
قال القرطبيّ : أجمع العلماء على أنه يجب على الغالّ أن يرد ما غله إلى صاحب المقاسم قبل أن ينصرف الناس ـ إذا أمكنه ـ فذلك توبته. واختلفوا فيما يفعل به إذا افترق أهل العسكر ولم يصل إليه ، فقال جماعة من أهل العلم : يدفع إلى الإمام خمسه ويتصدق بالباقي ـ وكذا كل مال لا يعرف صاحبه فإنه يتصدق به ـ وقال الشافعيّ : ليس له الصدقة بمال غيره.
فصل
اختلفوا هل يعاقب الغالّ بإحراق متاعه؟ قال مالك والشافعيّ وأبو حنيفة وأصحابهم والليث : لا يحرق متاعه.
وقال الشافعيّ : إن كان عالما بالنهي عوقب.
وقال الأوزاعيّ : يحرق متاع الغال كلّه إلا سلاحه وثيابه التي عليه وسرجه ، ولا ينزع منه دابته ، ولا يحرق الشيء الذي غلّ ، وهذا قول أحمد وإسحاق ، وقال الحسن : إلا أن يكون حيوانا أو مصحفا.
فصل
في العقوبة بالمال ، قال مالك ـ في الذّمّيّ الذي يبيع الخمر من المسلم ـ يراق الخمر على المسلم ، وينزع الثمن من الذميّ ؛ عقوبة له ؛ لئلّا يبيع الخمر بين المسلمين ، وقد أراق عمر ـ رضي الله عنه ـ لبنا شيب بماء.
فصل
من الغلول هدايا العمال ؛ لقوله صلىاللهعليهوسلم للذي أهدي إليه ، وكان بعثه على الصدقة ،
__________________
ـ ١٣٧) وفي «دلائل النبوة» (٤ / ٢٧٠) وابن عبد البر في «التمهيد» (٢ / ٣ ، ١٨ ، ٢١) والبغوي في «شرح السنة» وفي «تفسيره» (١ / ٤٤١).
(١) أخرجه أحمد (٥ / ٣١٦ ، ٣١٨ ، ٣٢٦) ومالك (٤٥٨) والدارمي (٢ / ٢٣٠) وابن أبي شيبة (١٤ / ٥١١) بلفظ أدوا الخياط والمخيط وإياكم والغلول.