ركعتين ، وبين المدينة وذي الحليفة ستّة أميال ، أو سبعة.
فصل
وعلى المسافر أن ينوي القصر حين الإحرام ، فإن افتتح الصّلاة بنيّة (١) القصر ، ثمّ عزم على المقام في أثناء (٢) الصّلاة ، جعلها نافلة ، فإن كان ذلك بعد أن صلّى منها ركعة [واحدة](٣) ، أضاف إليها أخرى [وسلّم](٤) ثم صلى صلاة مقيم ، وقال الأبهريّ ، وابن الجلّاب : هذا ـ والله أعلم ـ استحباب ، ولو بنى على صلاته وأتمها ، أجزأته.
قوله : (إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً) [و](٥) المعنى : إن العداوة بينكم وبين الكافرين قديمة ، والآن قد أظهرتم خلافهم في الدّين فازدادت (٦) عداوتهم لكم ، فمن شدّة (٧) العداوة ، حاربوكم وقصدوا إتلافكم إن قدروا ، فإن طالت صلاتكم ، فربّما وجدوا الفرصة في قتلكم ؛ فلهذا رخّصت لكم في قصر الصّلاة.
قوله «لكم» متعلّق بمحذوف ؛ لأنه حال من «عدوّا» ، فإنه في الأصل صفة نكرة ، ثم قدّم عليها ، وأجاز أبو البقاء (٨) أن يتعلّق ب «كان» ، [وفي المسألة] كلام مرّ تفصيله. وأفرد «عدوّا» وإن كان المراد به الجمع لأنّ العدوّ يستوي فيه الواحد والجمع ؛ قال ـ تعالى ـ : (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) وقد تقدّم تحقيقه في البقرة.
فصل في معنى الآية
قوله : (إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) متّصل بما بعده من صلاة الخوف ، منفصل عمّا قبله ، روي عن أبي أيّوب الأنصاري ، أنّه قال : نزل قوله : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) هذا القدر ، ثمّ بعد حول سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن صلاة الخوف ؛ فنزل : (إِنْ خِفْتُمْ) أي : وإن خفتم (أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً ، وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ).
ومثله في القرآن كثير [أن](٩) يجيء الخبر بتمامه ، ثم ينسق عليه خبر آخر ، وهو في الظّاهر كالمتّصل به ، وهو منفصل عنه ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) [يوسف : ٥١] هذه حكاية عن امرأة العزيز ، وقوله : (ذلِكَ)(١٠)(لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) [يوسف : ٥٢] ، إخبار عن يوسف ـ عليه الصلاة والسلام ـ.
__________________
(١) في أ : بين.
(٢) في أ : نية.
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في ب.
(٦) في أ : فإذا زادت.
(٧) في أ : فبشدة.
(٨) ينظر : الإملاء ١ / ١٩٣.
(٩) سقط في ب.
(١٠) في أ : ذلكم.