الثالث : أنها مستأنفة فلا محلّ لها قال أبو البقاء (١) ويجوز أن تكون مستأنفة ، ويكون الماضي بمعنى المستقبل انتهى.
وإنما احتاج [إلى ذلك](٢) ؛ لأن المجيء بعد لم (٣) يقع فادّعى ذلك ، والله أعلم.
قوله : (عَلى هؤُلاءِ) متعلّق ب (شَهِيداً)(٤) و «على» على بابها ، وقيل : بمعنى اللام ، وفيه بعد [وأجيز أن يكون «على» متعلّقة بمحذوف على أنّها حال من (شَهِيداً) وفيه بعد](٥) ، و (شَهِيداً) حال من الكاف في «بك».
قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً)(٤٢)
قوله : (يَوْمَئِذٍ) فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه معمول ل (يَوَدُّ)(٦) أي : يودّ الذين كفروا يوم إذ جئنا (٧).
والثاني : أنه معمول ل (شَهِيداً ،) قاله أبو البقاء (٨) ؛ قال : وعلى هذا يكون «يود» صفة ل «يوم» ، والعائد محذوف ، تقديره : فيه ، وقد ذكر ذلك في قوله : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي) [البقرة : ٤٨] ، وفيما قاله نظر.
والثّالث : أن «يوم» مبنيّ ؛ لإضافته إلى «إذ» قاله الحوفيّ ؛ قال : لأنّ الظرف إذا أضيف إلى غير متمكّن ، جاز بناؤه معه ، و «إذ» هنا اسم ؛ لأن الظروف إذا أضيف إليها ، خرجت إلى معنى الاسميّة ، من أجل تخصيص المضاف إليها ، كما تخصّص الأسماء مع استحقاقها الجرّ ، والجرّ ليس من علامات الظّروف ، والتّنوين في «إذ» تنوين عوض على الصّحيح ، فقيل : عوض من الجملة الأولى ، في قوله : (جِئْنا مِنْ كُلِ) أي : يومئذ جئنا من كلّ أمّة بشهيد ، وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ، و «الرسول» على هذا اسم جنس ، وقيل : عوض عن الجملة الأخيرة وهي (وَجِئْنا بِكَ ،) ويكون المراد ب «الرسول» : محمد صلىاللهعليهوسلم ، وكأن النّظم وعصوك ، ولكن أبرز ظاهرا بصفة الرّسالة تنويها بقدره وشرفه.
وقوله : (وَعَصَوُا) فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها جملة معطوفة على (كَفَرُوا) فتكون صلة ، فيكونون جامعين بين كفر ومعصية ؛ لأن العطف يقتضي المغايرة ، وإذا كان ذلك ، فيجمل عصيان الرّسول على
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ١٨١.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : بعده.
(٤) في أ : بشهيد.
(٥) سقط في ب.
(٦) في أ : ليود.
(٧) في أ : يومئذ حينا.
(٨) ينظر : الإملاء ١ / ١٨١.