الشّرط الثّاني : أن توجد خمس رضعات متفرّقات ، يروى ذلك عن عائشة ، وبه قال عبد الله بن الزّبير ؛ وإليه ذهب الشّافعيّ وأحمد ، قالت عائشة رضي الله عنها : أنزل في القرآن عشر رضعات يحرمن فنسخ من ذلك خمس ، وصار إلى خمس رضعات معلومات يحرمن وتوفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم والأمر على ذلك.
وقال عليه الصلاة والسلام «لا تحرّم المصّة من الرّضاع ولا المصّتان» [وذهب ابن عباس وابن عمر إلى أن قليله وكثيره محرم ، وبه قال سعيد بن المسيب](١) وإليه ذهب سفيان الثّوريّ ومالك والأوزاعيّ ، وعبد الله بن المبارك وأصحاب الرأي.
قوله تعالى : (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) فيدخل فيه أمها الأصلية وجميع جدّاتها من قبل الأب والأم كما بينا في النّسب (٢) ومذهب أكثر الصحابة (٣) والتّابعين أنّ أمّ الزّوجة تحرم على زوج بنتها سواء دخل بالبنت أو لم يدخل ، وذهب بعض الصّحابة إلى أنّ أمّ المرأة لا تحرم إلا بالدّخول بالبنت ، كما أنّ الرّببية لا تحرم إلّا بالدّخول بأمّها ، وهو قول علي وزيد وابن عمر وابن الزبير وجابر ، وأظهر الروايات عن ابن عبّاس (٤) والسّبب في هذه الاستعارة أن من ربي طفلا أجلسه في حجره فصار الحجر عبارة عن التّربية كما يقال : فلان في حضانة فلان ، وأصله من الحضن : الّذي هو الإبط ، وقال أبو عبيدة (٥) : (فِي حُجُورِكُمْ) أي : في بيوتكم.
قوله : (وَرَبائِبُكُمُ) الرّبائب : جمع ربيبة ، وهي : بنت الزوج أو الزوجة ، والمذكر : ربيب. سميا بذلك ؛ لأن أحد الزوجين يربّيه كما يربّي ابنه.
قوله : (اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) لا مفهوم له لخروجه مخرج الغالب ، والحجور : جمع حجر بفتح الحاء ، وكسرها ، وهو مقدّم ثوب الإنسان ثمّ استعملت اللّفظة في الحفظ والسّتر.
وروى قتادة عن سعيد بن المسيّب أنّ زيد بن ثابت قال : إذا طلق الرّجل امرأته قبل الدّخول [بها](٦) تزوّج بأمّها ، وإذا ماتت لم يتزوّج بأمّها ، والفرق بينهما أنّ الطّلاق قبل الدّخول لم يتعلق به شيء ؛ لأنّه لا يجب عليها عدّة ، والموت في حكم الدّخول في وجوب العدة.
قوله : (مِنْ نِسائِكُمُ) فيه وجهان :
أحدهما : أنّه حال من ربائبكم تقديره : وربائبكم كائنات من نسائكم.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : فيه.
(٣) في أ : أصحاب الرأي.
(٤) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ٢٦.
(٥) ينظر : تفسير الرازي ١٠ / ٢٨.
(٦) سقط في ب.